وعلى ذلك فالإطلاقان يتعارضان ، فمقتضى الإطلاق الأوّل بطلان الصلاة عند نسيان الجزء ومقتضى الإطلاق الثاني صحّته ، لكن يقدّم إطلاق دليل الجزء على إطلاق دليل المركّب لأنّه أخصّ منه ، فتكون النتيجة هي البطلان.
مثلاً إذا ورد : لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب (١). أو ورد : لا صلاة لمن لم يقم صلبه (٢) ، الظاهر في مطلوبية الفاتحة ، أو إقامة الصلب في كلتا الحالتين. وورد أيضاً : لا تترك الصلاة بحال ، المنطبقة على الأجزاء الباقية فيقدّم دليل إطلاق الجزء على الثاني.
اللّهم إلا أن يقال : إنّ قوله : « الصلاة لا تترك بحال » حاكم على أدلّة القيود ، لأنّه تعرض لما لم يتعرض له تلك الأدلة وهو مقام الترك المتأخر عن اعتبارهما وهذا أيضاً نحو من الحكومة. (٣)
نعم سيوافيك تصحيح الصلاة من طريق آخر فانتظر.
الصورة الثانية : إذا كان لدليل الجزء وغيره إطلاق دون المركب ، كما هو الحال في قوله : « لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب » بالنسبة إلى قوله : ( أَقِمِ الصَّلاة لِدُلُوكِ الشَّمس ) فيدل إطلاقه على كونه مطلوباً للمولى في حالتي الذكر والنسيان ، فمقتضى إطلاق دليل الجزء عدم الاكتفاء بالمأتي به.
فإن قلت : إنّ الجزئية ، والشرطية ، أو القاطعية ، والمانعية من الأحكام الوضعية المنتزعة من الأحكام التكليفية ، وهو فرع صحّة خطاب الناسي بالمنسي ، ومن
__________________
١. الوارد من طرقنا : كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهو خراج أي ناقص ، نعم ورد من غير طرقنا عن أبي هريرة قال : أمرني رسول اللّه أن أُنادي لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب ، رواه ابن أبي جمهور الأحسائي في غوالي اللآلي ، لاحظ : جامع أحاديث الشيعة : ٥ / ٣٢٢.
٢. الوسائل : ٤ ، الباب ١٦ من أبواب الركوع ، الحديث ١ و ٢.
٣. تهذيب الأُصول : ٢ / ٣٩٢.