جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاة ) (١) فلفظة ( أَنْ تَقْصُروا مِنَ الصَّلاة ) دالّ على أنّ المسافر محكوم بنفس الأمر المتوجه إلى الحاضر ، لكن يجوز له قصرها ، ونظيره المريض والناسي ، الذي يجمعهما المعذور فقد دلّ الدليل على رفع الجزء الحرجي والمنسي عنهما ، ومرجع رفعه في حقّهما إلى استثنائهما من دون أن يمس الاستثناء ، كرامة الأمر ، أو يحوج الآمر ، إلى أمر آخر بالخالي عنه.
ويؤيد ذلك ما سبق من أنّ الأمر المتعلّق بالمركب يدعو جميع الأصناف إلى العنوان الذي تعلّق به الأمر لكن بالإرادة الاستعمالية ، ولما دلّ الدليل الخارجي على عدم مطابقة الإرادة الاستعمالية مع الإرادة الجدّية في بعض الأجزاء لطروء عنوان مانع عن الامتثال كالمرض والنسيان ، تسقط دعوة الأمر بالنسبة إليه بحكم العقل ، ومع ذلك تبقى دعوة الأمر إلى الأجزاء الباقية ، لأنّه يدعوه إلى العنوان ، وهو أمر مقول بالتشكيك يصدق على الجامع للجزء المنسي والخالي عنه ، وليست دعوة الأمر إلى الباقية مشروطة بدعوته إلى الأجزاء المنسية لما علمت من وجود المرونة في صدق العنوان على كلا الفردين من الصلاة ، وليس صدق عنوان الصلاة على الصلاة المقصورة أولى من صدقها على الصلاة الرباعية المنسية سورتها.
هذا هو الحقّ القراح في المسألة الذي عليه ، سيد مشايخنا المحقّق البروجردي ، والسيد الإمام الخميني ـ قدّس اللّه سرّهما ـ.
فإن قلت : ما هو السرّ في الإصرار على إحراز الأمر بما عدا المنسي ، مع كفاية الملاك في صحّة العبادة؟
قلت : إنّ إحراز الملاك أشكل من إحراز تعلّق الأمر بما عدا المنسيّ ، للشك في وفاء ما أتاه الناسي بغرض المولى ، فلا مناص عندئذ من الرجوع إلى قاعدة الاشتغال ، وقضاء الواجب بعد رفع النسيان.
ثمّ إنّه ما قررناه ، يعلم أنّ الاشكال الذي أثاره المحقّق النائيني وتبعه تلميذه
__________________
١. النساء : ١٠١.