الجليل ليس بمهمّ ، وإليك كلامهما :
قال الأُستاذ قدسسره : إذا كان لدليل المنسي إطلاق يشمل صورة النسيان ، فمقتضى إطلاقه هو عدم التكليف ببقية الأجزاء ، فإنّه ليس في البين إلا تكليف واحد تعلّق بجملة الأجزاء ومنها الجزء المنسي ، وهذا التكليف الواحد سقط بنسيان بعضها فلابدّ من سقوط التكليف المتعلّق بجملة العمل ، فلو ثبت التكليف ببقية الأجزاء فهو تكليف آخر غير التكليف الذي كان متعلّقاً بجملة الأجزاء ، ولابدَّ من قيام دليل بالخصوص على ذلك فالتكليف بما عدا المنسي يحتاج إلى دليل غير الأدلّة المتكفلة لبيان الأجزاء. (١)
يلاحظ عليه : أنّ الاشكال مبني على أنّ متعلّق الأمر هو الأجزاء مباشرة ، فكأنّ بأمر المولى ، بالتكبير ، والقراءة ، والحمد والسورة ، ـ كما إذا نسي الحمد ـ سقط التكليف المتعلّق بهذه الأجزاء فتعلّقه بغير المنسي يحتاج إلى دليل.
ولكنّك عرفت أنّ متعلّق التكليف هو العنوان الذي هو وجود إجمالي للأجزاء ، والأجزاء وجود تفصيلي له ، فمتعلق الأمر هو العنوان ، لا الأجزاء بلا واسطة ، وقد عرفت أنّ الإرادة الاستعمالية تعلّقت بالعنوان الذي هو عبارة إجمالية عن الأجزاء والشرائط بأجمعها ، لكن المولى أشار بدليل آخر إلى سقوط الإرادة الجدّية في حقّ المنسي ، وإخراجها عن تحت الأمر ، لكن إخراجها ، لا يوجب سقوط الأمر عن العنوان ، لما عرفت من صدق العنوان على الواجد والخالي ، فالأمر باق على العنوان وله دعوة إلى الأجزاء إلا ما خرج بالدليل.
بذلك تقف على عدم تمامية ما أفاده تلميذه الجليل حيث قال : إنّ نفي الجزئية أو الشرطية لا يكون إلا برفع منشأ انتزاعهما من الأمر بالمركب أو المقيّد ، ولا يترتب عليه ثبوت الأمر بالمنسي كما هو المدعى وقد علم ممّا ذكرنا عدم تماميته فلاحظ.
__________________
١. فوائد الأُصول : ٤ / ٢١٦.