الأوّل : استصحاب الهيئة الاتصالية
اعلم أنّ الموجود ينقسم إلى : قار الذات ، وغير قارها. والمراد من الأوّل ما يتحقّق عامة أجزائه في زمان واحد ، كالأنواع الجوهرية ، والمراد من الثاني خلافه ، أي لا تجتمع أجزاؤه دفعة واحدة في زمان واحد على الرغم من كونه موجوداً وجدانيّاً لا كثرة فيه ، وذلك لأنّ لوجوده سيلاناً عبر الزمان ، فكما أنّ الزمان موجود غير قار الذات فهو أيضاً يسايره وذلك كنفس الحركة وسيلان الماء إلى غير ذلك من الموجودات المتدرّجة الذات.
والصلاة من المقولة الثانية فرغم انّ لها وجوداً وحدانياً لكنّها توجد متدرجة بأوّل جزئها ، أعني : التكبيرة ، وتنتهي بآخر جزء منها بلا تخلّل عدم بينهما ، غير انّ الاتصال في الصلاة اعتباري وفي غيرها كسيلان الماء والحركة حقيقي.
ثمّ إنّ الصلاة عبارة عن الأقوال والأفعال وأمّا السكنات المتخلّلة فخارجة عنها ، غير انّ الهيئة الاتصالية لهذا الموجود الاعتباري تجعل السكنات داخلة فيها ، فليس المصلي حال كونه ساكناً غير قارئ ولا فاعل ، خارجاً عن الصلاة بل هو فيها ، فكأنّ الهيئة الاتصالية كخيط يضم شتات الأجزاء ويوصل بعضها ببعض فالآتي بالمركب داخل فيه من أوّله إلى آخره حتى في السكونات المتخلّلة.
والذي يدل على أنّ الشارع اعتبر الهيئة الاتصالية فيها هو انّه يعبر عن كثير من المفسدات بالقواطع (١) إذ لولاها لما كان لاستعماله وجه.
مضافاً إلى ذلك انّ ارتكاز المتشرعة يدل على تلك الهيئة.
__________________
١. الوسائل : الجزء ٤ ، ص ١٢٤٠ ، أبواب قواطع الصلاة إلى ص١٤٨٤. روى أبو بكر الحضرمي عنهما عليهماالسلام : « لا يقطع الصلاة إلا أربعة ....لاحظ باب ١ ، الحديث ٢. كان علي عليهالسلام يقول : « لا يقطع الصلاة الرعاف » ( الباب ٢ / ٨ ).