وبعبارة أُخرى : نشك في أنّ هذا الجزء المتعذّر لو كان دخيلاً في الحكم حدوثاً وبقاءً لا يجري الاستصحاب ولو كان دخيلاً حدوثاً لا بقاءً يجري الاستصحاب ، ونفس هذا الشكّ مصحّح لجريان الاستصحاب بعد بقاء الموضوع ونسبة الواجد للجزء المتعذر ، بالنسبة إلى الفاقد له كنسبة موضوع طرأ عليه التغيير في بعض أحواله.
يلاحظ عليه : أنّ الوجوب السابق كان على عشرة أجزاء ، والمقصود الآن إبقاء ذلك الوجوب على التسعة ، ومن المعلوم انّ إسراء حكم من عنوان إلى عنوان آخر هو نفس القياس المنكر في مذهبنا ، وأيّ عرف يتسامح ويقول إنّ العشرة هو نفس التسعة.
وإن شئت قلت : إنّ عالم المفاهيم مثار الكثرة ، فكلّ عنوان في عالم المفاهيم يضاد العنوان الآخر ، وعلى ذلك لو ثبت الحكم على عنوان لا يمكن إسراؤه إلى عنوان آخر ، وذلك لأنّه نفس القول بالقياس.
فإذن الحكم المتعلّق بالعشرة كيف يستصحب ويتعلّق بالتسعة؟!
فإن قلت : على هذا ينسد باب جريان الاستصحاب في الأحكام الشرعية الكلية ويختص بالموضوعات الخارجية ، مثلاً الماء المتغيّـر إذا زال تغيّـره بنفسه يحكم عليه ببقاء النجاسة مع أنّه من قبيل إسراء حكم من موضوع ( الماء المتغير ) إلى موضوع آخر ( الماء الذي زال تغيره ).
ومثله استصحاب الحرمة لعصير الزبيب ، فإنّ الحكم ثبت على العصير العنبي إذا غلى ، فإسراء ذلك الحكم إلى العصير الزبيبي عند الغليان أشبه بالقياس ، فلو ثبت ما ذكرنا من الإشكال لانسدَّ باب الاستصحاب في الأحكام الكلية.