وحملة العلم أو الكتب والجوامع الحديثية التي حفظت بيان الشارع ( أوامره ونواهيه ).
وإن شئت قلت : إنّ تنجّز التكليف رهن أحد أمرين :
١. العلم بالتكليف ٢. احتمال العثور على التكليف في مظانّه ، وعلى ضوء ذلك فلا يكون الجهل عذراً إلا إذا رجع إليها ولم يعثر على البيان ، قال سبحانه : ( لِئَلاّ يَكونَ للنّاسِ عَلى اللّهِ حُجَّةٌ بعدَ الرُّسُل ). (١) فقبل الفحص عن الحجّة ، فالمولى هو صاحب الحجّة على عبيده ، وبعد الفحص وعدم العثور عليه ينقلب الأمر ويحتج العبد على مولاه.
وإن شئت فعبّر بعبارة ثالثة : انّ المراد من البيان هو البيان الصالح لقطع العذر في وجه العبد لمخالفته للتكليف ، وليس هو إلا وجود البيان على نحو لو تفحّص عنه لعثر عليه ، وهذا النوع من البيان قاطع لعذر المكلّف في مخالفة التكليف. ولا يعلم وجود العذر وعدمه إلا بالفحص عن مظانّه.
الوجه الثاني : ما استدل به المحقّق الاصفهاني وقال : إنّ الاقتحام في المشتبه مع أنّ أمر المولى ونهيه لا يعلم عادة بالفحص خروج عن رسم العبودية وزي الرقية.
والفرق بين البيانين واضح ، لأنّ الباعث إلى الفحص ، في البيان الأوّل هو نفس التكليف الواقعي إذا احتمل انّه يعثر عليه إذا فحص ، وعلى الثاني الباعث هو انّ الاقتحام في المشتبه قبل الفحص ظلم وتعد على حقّ المولى فيجب الانتهاء عنه.
ثمّ لو خالف الواقع فالعقاب على البيان الأوّل عقاب التكليف ، وعلى
__________________
١. النساء : ١٦٥.