البيان الثاني العقاب على نفس التجرّي وتحقّق عنوان الظلم. (١)
يلاحظ عليه : أنّ الحكم الواقعي في صورة احتمال وجوده إمّا منجّز أو لا ، فعلى الأوّل فالباعث هو احتمال التكليف وصحّة العقاب عليه لا على كون الاقتحام بلا فحص ظلماً ، للإجماع على أنّ المعصية الواحدة ليست لها إلاعقاب واحد ، وعلى الثاني لا وجه لانطباق الظلم عليه إذ لا تكون مخالفة الحكم الواقعي الشأني ظلماً حتى يعاقب عليه.
هذا كلّه في الشبهات الحكمية ، وأمّا الموضوعية ، فالمشهور انّ التمسّك بها ليس رهناً للتفحص ، فلو دار أمر المائع بين كون خلاً أو خمراً يجوز ارتكابه بلا فحص وإن انتهى إلى شرب الخمر.
واحتجّوا عليه بأنّ الاحتجاج فرع ثبوت الصغرى والكبرى ، والثانية وإن كانت متحقّقة أي تعلم انّ كلّ خمر حرام ولكن الصغرى غير محرزة فلا يحتج بالكبرى المجرّدة عن الصغرى.
يلاحظ عليه : أنّ الاحتجاج وإن كان فرع إحراز الصغرى ، لكنّه لو كان إحرازه أمراً سهلاً غير موجب للعسر والحرج يصحّ الاحتجاج بالصغرى التي لو تفحص عنها لعثر عليها.
ولذلك أفتى الأصحاب بلزوم الفحص في بعض الشبهات الموضوعية حتى أنّ الشيخ استثنى الموارد الثلاثة : الدماء والأعراض والأموال ، كما أنّ الفقهاء أفتوا بوجوب الفحص في الموارد التالية :
١. إذا شكّ في مقدار المسافة هل هي مسافة شرعية أو لا؟
٢. إذا شكّ في بلوغ الأموال الزكوية إلى حدّ النصاب.
__________________
١. نهاية الدراية : ٢ / ٣٠٥ بتصرّف يسير.