وقف على دليل مسألة أُخرى. كما إذا ترك الشاك في حكم التدخين وشربه ، ولكنّه لو تفحص عنه لوصل إلى دليل وجوب الدعاء عند رؤية الهلال الذي كان مغفولاً عنه في هذه الحالة.
وإليك بيان أحكام الصور :
أمّا الصورة الأُولى : فخارجة عن موضوع البحث ، لأنّ الكلام فيما إذا ترك الجاهل الفحص وأدّى إلى مخالفة الواقع ، والمفروض في هذه الصورة عدمها.
نعم يكون عمله تجرّياً ، ولو قلنا بعقاب المتجري يكون معاقباً وإلا فلا.
أمّا الصورة الثانية : فلا شكّ أنّه يصحّ العقاب ، لأنّه خالف الواقع بلا عذر ، بل خالفه مع وجود الحجّة من جانب المولى على العبد لتمامية البيان الواصل عنه ، وإنّما قصر العبد في الوصول إليه ، ويكفي هذا في تصحيح العقاب ، وكونه جاهلاً بالمخالفة عند العمل لا يعدّ معذوراً.
وإن شئت قلت : إنّ الواقع كما يتنجز بالعلم كذلك يتنجز بالاحتمال قبل الفحص ، وليس التنجز من خصائص العلم ، بل يكفي في ذلك احتمال العثور على الدليل إذا تفحص عنه ، فما في الأفواه من أنّ التنجّز من شؤون العلم فمحمول على الغالب أو على ما بعد الفحص.
ثمّ إنّ المحقّق الخراساني طرح سؤالاً وهو كون المخالفة مغفولة حين العمل؟ فأجاب عنه بأنّها منتهية إلى الاختيار وهو كاف في صحّة العقوبة.
يلاحظ عليه : أنّ البحث في الجاهل الملتفت ، التارك للفحص ، فكيف تكون المخالفة مغفولة؟ نعم المخالفة ليست قطعية وإنّما هي محتملة ، ويكفي في كونه منجزاً قبل الفحص ، فالإشكال غير وارد حتى يحتاج إلى الجواب.
وأمّا الصورة الثالثة ، والرابعة : فالظاهر عدم العقاب على نفس مخالفة الواقع لأنّ المفروض أنّه لو تفحص لم يقف على الدليل ، أو وقف على ما يؤدي إلى خلاف