الواقع.
وقد عرفت أنّ العقاب فرع البيان الواصل ، والمفروض أنّه لم يكن كذلك.
فإن قلت : إنّه ترك الواقعة بلا عذر ولا حجّة ، وكون المقام خالياً عنالدليل ، أووجود الدليل المخالف للواقع لا يعد عذراً ما لم يستند إليه المكلّف.
قلت : ليس العقاب مترتباً على مطلق ترك الواقع بلا عذر ، بل هو مترتب على ترك الواقع المنجز ، وهو رهن وجود البيان الواصل ، والمفروض عدمه ، وبالجملة كونه معذوراً في نفس الأمر لأجل عدم البيان الواصل يكفي في معذوريته عند العقلاء.
نعم كان سيدنا الأُستاذ غير جازم بكون العذر الواقعي المغفول عنه ، غير الملتفت إليه رافعاً للعقاب ، ولكن الرائج بين العقلاء هو المعذورية ، وقد ذكر الشيخ في مبحث التجري ما يفيد المقام ، حيث قال : إنّ عدم العقاب لأجل أمر غير اختياري ليس بقبيح وإنّما القبيح هو العقاب لأمر اختياري. (١)
وأمّا عدم التفاته إلى ذلك ، أو عدم استناده إليه فإنّما يحقِّق عنوان التجري ، وهو خارج عن موضوع بحثنا.
وأمّا الصورة الخامسة : فالحقّ صحّة العقوبة لتمامية البيان في المورد الذي خالفه وقد كان بيان المولى فيه تاماً ، أعني : وجوب الدعاء عند رؤيته لأنّه خالف الواقع عن اختياره لافتراض أنّه لو فحص لوصل إلى ذلك البيان.
نعم لا يصحّ العقاب بالنسبة إلى التدخين الذي لم يكن هناك بيان واصل.
__________________
١. الفرائد : ٥.