ثمّ إنّ المحقّق الخراساني حكم بامتناع الأقسام الثلاثة ولم يذكر من الرابع شيئاً لما سبق ذكره في الأمر الثالث ، وإليك بيان أدلّة بطلان الأقسام الثلاثة :
أمّا الأوّل : فلاستلزامه الدور ، لأنّ القطع بالحكم فرع وجوده ، والمفروض انّ الحكم الواقعي متفرع على القطع بنفس الحكم فيلزم أن يكون الحكم موقوفاً على نفسه.
وبعبارة أُخرى : تعلّق القطع بالحكم يقتضي تقدّم الحكم على القطع هذا من جانب ، ومن جانب آخر انّ الحكم محمول على القطع بالحكم ، فيقتضي تأخّر الحكم عن القطع ، تأخرَ المحمول عن موضوعه.
أقول : إنّ القطع بالحكم لا يتوقف على وجود الحكم الواقعي بل يتوقف على الصورة الذهنية منه ، فالتوقف من الجانب الأوّل غير صحيح ، نعم الحكم الواقعي يتوقف على القطع بالصورة الذهنية من الحكم ، وعلى ضوء هذا فالحكم الموقوف عليه هي الصورة الذهنية وهو غير الحكم الموقوف أي الواقعي.
والحقّ التفصيل بين كون القطع بالحكم تمام الموضوع وبين كونه جزء الموضوع والجزء الآخر ، وجود الحكم الواقعي ، فلو صحّ الدور فإنّما يصحّ في الصورة الثانية.
وذلك لأنّ الحكم الواقعي ـ حسب الفرض ـ يتوقف على تحقّق الموضوع وهو القطع بالحكم الواقعي ، وبما انّ القطع جزء الموضوع والجزء الآخر هو الحكم الواقعي ، فليس كلّ قطع مأخوذاً ، وإنّما المأخوذ خصوص القطع الذي تعلّق بالحكم الواقعي ، فيكون القطع في مقام الموضوعيّة متوقفاً على تحقّق الجزء الآخر ، حتى يتعلّق به وهو الحكم الواقعي والمفروض انّه يتوقف على القطع بالحكم الواقعي.
وأمّا الثاني : إذا كان القطع بالحكم موضوعاً لحكم مماثل ، فقد أحاله المحقّق