يجب عليه الرجوع فعلاً وذلك لموت الأوّل وتعيّن الرجوع إلى المجتهد الحي فيحكم بالصحة ، كما في المعاملات مطلقاً ، وفي العبادات إذا تمشّت منه القربة ، لأنّ الصحّة في الأُولى رهن المطابقة ، وفي الثانية كذلك بشرط حصول قصد القربة.
الصورة الثالثة
أن يكون العمل موافقاً لفتوى من كان الرجوع إليه واجباً حين العمل ، ومخالفاً لفتوى من يجب عليه الرجوع فعلاً ، ففيه وجهان :
الأوّل : الصحّة ، لكونه موافقاً لرأي من كان الرجوع إليه واجباً ، لأنّها تدور على موافقة العمل للواقع والكاشف عنها رأي المجتهد آنذاك.
الثاني : البطلان ، وذلك لأنّ الحكم بالصحة فرع الاستناد إلى الحجّة الشرعية حين العمل حتى يدخل في معقد الإجماع على صحّة عمل العامي المستند لرأي المفتي فلا يضرّه تبدل رأيه أو موته ورجوعه إلى من يخالفه في الرأي ، لوجود الإجماع على الإجزاء والمفروض أنّه لم يستند إليه ، حتى يدخل في معقد الإجماع ، وانحصر الطريق إلى كشف الموافقة والمخالفة في رأي المجتهد الحيّ ، أعني : من يجب عليه الرجوع ، والمفروض أنّ العمل حسب نظره باطل ، فلابدّ من تطبيق العمل على وفق رأيه.
وبذلك يعلم حكم ما إذا فاتت فريضة الإنسان وأراد القضاء ، فانّه يجب عليه تطبيق العمل على رأي من يجب الرجوع إليه حين القضاء ، لا على رأي من كان عليه الرجوع حين الفوت ، وذلك لأنّ الفائت وإن كان هو الواجب الواقعي إلا أنّ الطريق إليه هو رأي المجتهد الحي ، لا رأي من مضى وتُوفِّي فانّه ليس بحجّة.