فإنّه دلّ بمورده على جواز الأخذ بكتب بني فضّال ، وبعدم الفصل على كتب غيرهم من الثقات ورواياتهم ، ولهذا إنّ الشيخ الجليل المذكور الذي لا يظنّ به القول في الدين بغير السماع من الإمام عليهالسلام قال : «أقول في كتب الشلمغانيّ ما قاله العسكريّ عليهالسلام ، في كتب بني فضّال» ، مع أنّ هذا الكلام بظاهره قياس باطل.
ومثل ما ورد مستفيضا في المحاسن وغيره : (حديث واحد في حلال وحرام تأخذه من صادق خير لك من الدّنيا وما فيها من ذهب وفضّة) (١) وفي بعضها : (يأخذ صادق عن صادق) (٢).
ومثل ما في الوسائل عن الكشّي ، من أنّه ورد توقيع على القاسم بن العلي ، وفيه : (إنّه لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك فيما يرويه عنّا ثقاتنا ، قد علموا أنّا نفاوضهم سرّنا ونحمله إليهم) (٣).
____________________________________
فضّال ، حيث قال عليهالسلام ، في جواب السؤال عن كتب بني فضّال الذين كانوا ثقاتا غير إماميين :
(خذوا ما رووا وذروا ما رأوا) ، أي : خذوا رواياتهم واتركوا فتاويهم ، فجواب ابن روح يرجع إلى ما أجاب به الإمام عليهالسلام ، فيجوز أخذ روايات الشلمغانيّ ، ويجب ترك فتاواه.
فقول الإمام عليهالسلام يدل بحسب مورده على جواز الأخذ بكتب وروايات بني فضّال لكونهم ثقات ، ويدل بعدم الفصل على جواز الأخذ بروايات وكتب غيرهم من الثقات.
وكلام ابن روح بظاهره قياس ، إلّا أنّه في الحقيقة لا يحتمل في حقّه العمل بالقياس ، بل إنّه تمسّك بقول الإمام العسكري عليهالسلام.
ثمّ إنّ ما بقي من هذه الطائفة من الأخبار الدالّة على حجّيّة خبر الواحد واضح لا يحتاج إلى البيان والتوضيح ، والعمدة هي أنّ هذه الروايات متواترة كما ادّعى المحقّق النائيني قدسسره تواترها ، فلا يرد على الاستدلال بها على حجّية خبر الواحد بأنّه مستلزم للمصادرة أو الدور.
__________________
(١) المحاسن ١ : ٣٥٨ / ٧٦٦. الوسائل ٢٧ : ٩٨ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٨ ، ح ٧٠.
(٢) الاختصاص «سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد» ١٢ : ٦١. البحار ٢ : ١٥٠ / ٢٦.
(٣) الوسائل ٢٧ : ١٥٠ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١١ ، ح ٤٠ ، باختلاف يسير. رجال الكشّي ٢ : ٨١٦ / ١٠٢٠.