حراما.
وعلى هذا فما ذكره والدي ـ رحمهالله ـ من أن نسبة الحرمة إلى الصدوق مخالف للواقع ، وما قاله كثير من المتأخّرين من نسبة جوازها إليه ، ليس من موقعه.
والباعث على ذلك : قوله في باب حدّ الوضوء : والوضوء مرة مرة ، ومن توضّأ مرتين لم يؤجر ، ومن توضّأ ثلاثا فقد أبدع ، حيث إنه فرّق بين الثانية والثالثة بعدم الأجر على الثانية وارتكاب البدعة في الثالثة.
والظاهر أنّ مراده من قوله « أبدع » دخل فيما هو بدعة ، حيث إن الثالثة مستحبة عند العامة (١) ، فهي من بدعهم. أي : ارتكب ما هو بدعة من العامة ، ومنهي عنه بخصوصه في الروايات ، سواء قصد به الوضوء أم لا كما مرّ.
وأما الثانية فلم يبتدعها أحد بخصوصها ، ولم ينه عنها كذلك ، بل هي غير مأمور بها وغير داخلة في الوضوء. ويلزمها عدم جواز إدخالها فيه بقصد الوضوء ، لكونه تعدّيا عن حدود الله.
وكيف كان ، فالظاهر عدم الريب في ضعف ذلك القول. ويدلّ عليه أيضا بعد ظاهر الوفاق ما تقدّم من أخبار رجحان الثانية (٢). مضافا إلى مستفيضة أخرى دالّة على جوازها ومشروعيتها ، كمرسلة مؤمن الطاق (٣).
وحملها على الإنكار ـ كما في الفقيه (٤) ـ خلاف الأصل والظاهر ، ومخالف لما صرّح به في روايات أخر كما مرّ (٥) ، ومرسلة ابن أبي المقدام ، والمروي في رجال الكشي كما مرّ (٦).
__________________
(١) المهذب في فقه الإمام الشافعي ١ : ١٨ ، الأمّ ١ : ٣٢ ، المغني ١ : ١٥٨.
(٢) في ص ١٨٢.
(٣) المتقدمة في ص ١٨٦.
(٤) الفقيه ١ : ٢٥.
(٥) المتقدمة في ص ١٨٢.
(٦) في ص ١٨٦.