دون أنّ ما لم يجمعها ليس منيا ، ولذا قد يعلم كون الخارج منيا بدون العلم بتلك الأوصاف.
وأما الثاني منه : فلأنّه يمكن أن يكون نفي الغسل في فاقد الأوصاف لأجل عدم العلم بكونه منيا ، لا للعلم بعدمه.
وأمّا الأوّل من الثاني : فلأنّ طريق العلم بوجود شيء لا ينحصر في معرفة جميع أجزائه الحقيقية أو لوازمه الذاتية ، فقد يعرف وجود المني بأمر آخر غير تلك الأوصاف ، ولا يعلم وجود ذلك الأمر فيما علم فيه فقد تلك الأوصاف.
وأمّا الثاني منه : فلأنّ الخارج بعد الغسل قبل الاستبراء يمكن أن يكون من بقية ما اجتمعت فيه الأوصاف الخارج أولا.
والحقّ ، هو الثالث ، لما ذكر.
إلاّ أنّ في مرسلة ابن رباط : « فأمّا المني فهو الذي يسترخي العظام ويفتر منه الجسد وفيه الغسل » (١) ومقتضى أصالة الحقيقة في الحمل كون ذلك من حقيقته.
والمروي في نوادر الراوندي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « فأمّا المني فهو الماء الذي تكون منه الشهوة » (٢).
وإذا عرفت ذلك ، فنقول : إنّهم صرّحوا بأنّ خروج ما علم أنّه مني موجب للغسل مطلقا ، سواء كان خروجه في اليقظة أو النوم ، وكان خارجا من الرجل أو المرأة ، وكان الخارج مع الشهوة والتلذّذ والفتور أو لا ، إن فرض العلم به بدون الأوصاف.
وهو محل الوفاق بين علماء الإسلام كافة إذا كان خارجا من الرجل مع الأوصاف ، وأخبار الفريقين به متواترة معنى بلا معارض (٣). وبين علمائنا خاصة
__________________
(١) التهذيب ١ : ٢٠ ـ ٤٨ ، الاستبصار ١ : ٩٣ ـ ٣٠١ ، الوسائل ٢ : ١٩٠ أبواب الجنابة ب ٧ ح ١٧.
(٢) نوادر الراوندي : ٤٥ ، المستدرك ١ : ٢٣٧ أبواب نواقض الوضوء ب ١٠ ح ٢.
(٣) الوسائل ٢ : ١٩٤ أبواب الجنابة ب ٨ ، صحيح مسلم ١ : ٢٦٩.