وعن الثاني : بمنع توقف الامتثال على ما ذكر وإن هو إلاّ مصادرة.
وعن الثالث : أنّ الامتثال إنّما يحصل بالموافقة للمأمور به التي هي معنى الصحة ، ومعنى المطابقة أن يكون المأتي به بأجزائه وشرائطه ، موافقا للمأمور به كذلك ، بمعنى أنّ ما اتي به لو طوبق مع ما أمر به لم ينقص منه شيء ، فإذا كان المأتي به كذلك يكون صحيحا ، والآتي به ممتثلا ، ولا يحتاج إلى شيء آخر.
وعلى هذا ، فيكون فرق بين قول الشارع : توضأ وجوبا أو ندبا ، وقوله : يجب أو يستحب التوضؤ ، فالمأمور به في الأوّل هو أفعال الوضوء بزيادة الوجوبية أو الندبية ، وفي الثاني أفعال الوضوء مجردة عن غيرها ، غاية الأمر أن أمره بها إيجابي أو ندبي ، فإن كان ( الحال في الوضوء ) (١) الإيجابي والندبي من قبيل الأوّل فلا شك في وجوب نية الوجه ، كما مر في المسألة السابقة ، وإن كان من الثاني لا تجب ، لعدم دخوله في المأمور به ، فالمأتي به موافق لكلّ من الأمرين منفردا ، موجب للبراءة من أحدهما لا بعينه.
ثمَّ لمّا كان الأمر في الوضوء من قبيل الثاني ، إذ لم يرد إلاّ أنه يستحب الكون على الوضوء حال كذا ، ويجب حال كذا ، ولم يرد أنه توضأ تطوّعا لكذا ووجوبا لكذا ، لم يلزم في صحته قصد الوجه ، بل ولا في ترتّب الآثار الوجوبية أو الندبية ، حيث ثبت فيه التداخل ، وترتّب جميع الآثار على وضوء واحد.
المسألة السادسة : لا تشترط فيه نية الاستباحة أو الرفع ، وفاقا لمن ذكر في المسألة السابقة من المكتفين بالقربة ، وللشرائع ، لما ذكره.
وخلافا للسيد (٢) ، فأوجب الأوّل.
وللمبسوط والسرائر والجامع والمعتبر والذكرى ، والفاضل ، والكركي ، فأحدهما.
__________________
(١) في « ح » : الحاكي للوضوء.
(٢) يمكن استفادته من الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ١٨٣.