الفصل الثالث :
في واجباته من الأفعال والشرائط
وهي أمور :
الأوّل : النية.
وهي : القصد إلى الفعل لغة وعرفا وشرعا ، إذ لم تثبت لها حقيقة شرعية ، بل ولا المتشرعة ، ووجوب بعض القيود فيها شرعا لا يجعله جزءا لها.
قيل : النية بهذا المعنى لا يمكن انفكاكها عن الفعل الاختياري ، إذ لا يمكن صدور الاختياري بغير قصد ، ولو كلّف به كان تكليفا بالمحال ، فلا معنى لاشتراطها ، والفرق فيها بين العبادات وغيرها كما وقع في عبارات الأصحاب ، فالمراد منها فيها ليس هذا المعنى ، بل قصد الفعل إطاعة لله ، أو مع قيد آخر أيضا مما يجوز انفكاكها ويصح اشتراطها ، فتكون النية من الألفاظ المنقولة (١).
وفيه : أنّ عدم إمكان صدور الفعل الاختياري من غير قصد لا ينافي إمكان صدور الفعل من غير اختيار ، كالوقوع في الماء اضطرارا في الغسل ، وإصابة المطر إلى الثوب في الغسل ، فمرادهم من اشتراط النية بمعناها الحقيقي ـ أي القصد ـ أنه لا يكفي ذلك في حصول الامتثال الذي تحصيله واجب في العبادات وإن أمكن كفايته في ترتب الأثر الذي هو المطلوب في غيرها ، فمرادهم من الفرق بين العبادات وغيرها التوقف الكلي وعدمه.
وها هنا مسائل :
المسألة الأولى : النية بالمعنى المذكور واجبة في الوضوء ، فلو أتى ببعض أفعاله لا عن قصد بطل إجماعا حتى من الإسكافي كما في المعتبر (٢) ، وعليه الإجماع
__________________
(١) قاله الوحيد البهبهاني في شرح المفاتيح ( مخطوط ).
(٢) المعتبر ١ : ١٣٨.