الفصل الثاني
في غسل الحيض
والكلام إمّا في بيان دم الحيض ومعرفته إثباتا ونفيا ، أو في أحكام الحائض. فهاهنا بحثان :
البحث الأوّل : في بيان دم الحيض ومعرفته.
وهو في العرف دم مخصوص سائل من المرأة ، بل قيل : إنّه المعنى اللغوي أيضا (١) ـ كما ذكره بعض اللغويين (٢) ـ للتبادر وأصالة عدم النقل.
وذلك الدم ممّا يقذفه الرحم بعد البلوغ ، ثمَّ تصير المرأة في الأغلب معتادة بقذفه في أوقات معلومة ، قرّره الله سبحانه لحكمة تربية الولد. فإذا حملت المرأة ، صرفه الله تعالى إلى تغذيته ، فإذا وضعت الحمل ، بدّل الله سبحانه صورته الدموية باللبنية ـ غالبا ـ لاغتذاء الطفل ، فإذا خلت المرأة من حمل ورضاع ، بقي ذلك الدم بلا مصرف ، فيستقر في مكانه ، ثمَّ يخرج في الغالب في أيام متفاوتة بتفاوت المزاج حرارة.
وهو شيء معروف بين الناس ، له أحكام كثيرة في علمي الأديان والأبدان ، ليس بيانه موقوفا على الأخذ من الشرع ، بل هو كسائر الأحداث كالمني والبول وغيرهما ، بل باقي موضوعات الأحكام التي ليست معرفتها متوقّفة على بيانه. بل متى تحقّق وعرف ، تعلّقت به أحكامه الشرعية ، وإن خلا عن أوصافه الأغلبية. كما تترتّب أحكام المني عليه بعد معرفته وإن لم يكن مقارنا للفتور الذي هو من
__________________
(١) كما في الرياض ١ : ٣٥.
(٢) القاموس ٢ : ٣٤١.