فتدل على استحباب الكون على الطهارة في كل وقت.
والاستدلال بمرغبات التطهير والوضوء ، والدالّة على الثواب على كل فعل منه على ذلك غير جيد ، إذ لا يثبت منها إلاّ استحباب هذا الفعل لا لأجل ذلك الأثر الخاص ، فإنّها تدل على الثواب عليه ولو كان تجديديا ، مع أنّه غير محصّل لذلك الأثر ، واستحبابه بنفسه غير استحباب ذلك الأثر.
وأمّا ما ذكره بعضهم منهم والدي ـ قدسسره ـ من أنّ هذا القسم من الوضوء مراد من قال : إنّه مستحب بنفسه ، فمراده من الوضوء ليس نفس الفعل ، بل الكون على الوضوء ، فإنّهم بعد ما يذكرون غايات ذلك الكون يقولون إنه بنفسه أيضا مستحب ، فلا يرد ما قيل من أنّ هذا غير الاستحباب بنفسه.
وهل يستحب هذا الفعل بنفسه أم لا؟ مقتضى الأصل وعدم الدليل : الثاني.
والاستدلال عليه بمطلقات الأمر بالوضوء ومرغباته ، سيما بعد الحدث كقوله : « من أحدث ولم يتوضّأ فقد جفاني » (١) والدالّة على الثواب عليه لا يفيد ، إذ يمكن أن يكون ذلك لاستحبابه الغيري الثابت في كل حال.
ومنها : التأهب للفريضة قبل وقتها ، لاستحباب الصلاة في أول وقتها الحقيقي الموقوفة على الوضوء قبله ، لا لأجل مطلق أخبار فضيلة أول الوقت ، لأنّ المراد منه الأوّل العرفي الغير المتوقف على الوضوء قبله ، بل للأمر بالمسارعة والاستباق ولما دل على أفضلية الأوّل فالأوّل المثبت لأفضلية الحقيقي أيضا.
وهل يختص الاستحباب بمن يتمكن من إيقاعها في أول الوقت وإن لم يرده ، حيث ان استحباب شيء لا يتوقف على إرادته ، أو يستحب لمن يعلم عدم تمكنه منه أيضا؟ مقتضى الدليل المذكور وبضميمة الأصل : الأوّل.
__________________
(١) إرشاد القلوب : ٩٤ ، الوسائل ١ : ٣٨٢ أبواب الوضوء ب ١١ ح ٢.