وممّا يثبت ذلك : أنه لو أريد اللغويان ، لكان كلّ قبل بعدا لما قبله وبالعكس ، فتتعارض الفقرتان ويلغو الحكم ، وذلك قرينة واضحة على ما ذكرنا من المراد من القبل والبعد.
وكذا تتحيّض بمجرد الرؤية مطلقا إذا رأته متأخّرا عن أول وقت العادة أي في أثنائها ، لصدق كونه في العادة ، فتدلّ عليه أخبارها.
وأمّا لو رأته متأخّرا عن آخر وقت العادة فلا شك في التحيّض به مع كونه بالوصف ، للإجماع ، ولأخبار التمييز ، الخالية عمّا يصلح للمعارضة في المقام. وأمّا قوله لذات العادة في المرسلة (١) : « تعمل فيه ـ أي في وقتها ـ وتدع ما سواه » فإنّما يجري فيما إذا رأت في العادة أيضا حتى يصدق قوله : « تعمل فيه » وليس كذلك المقام.
وأمّا ما في آخر مرسلة يونس ـ القصيرة ـ : ما رأته بعد أيام حيضها فليس من الحيض » (٢) فلا ينافيها ، لجواز أن يراد بأيام حيضها هنا أيام العادة إذا كانت فيها حائضا دون ما إذا خلت أيام العادة عن الدم ، كما هو مورد المسألة.
وأما بدونه (٣) فادّعى بعض الأجلّة الاتّفاق على التحيّض مطلقا الشامل لهذه الصورة أيضا (٤).
وظاهر المدارك عدمه (٥). والأصل معه وإن كان مظنة الإجماع على التحيّض في صورة الاستمرار إلى الثلاثة.
وفي حكم المتأخّر كلّ ما بعد زمان العادة ولو بكثير إذا لم تر في زمان العادة ، والدليل الدليل.
__________________
(١) أي مرسلة يونس الطويلة ، تقدم مصدرها ص ٤١٩. وفيه : « نعمل عليه .. ».
(٢) الكافي ٣ : ٧٦ الحيض ب ١ ح ٥ ، الوسائل ٢ : ٢٧٩ أبواب الحيض ب ٤ ح ٣.
(٣) اي بدون الوصف.
(٤) كشف اللثام ١ : ٩٠.
(٥) المدارك ١ : ٣٢٨.