المتقدّمة (١) ، حيث إنّ تبادر خروج المني من الإنزال في عهد المعصوم غير معلوم.
ولو تنزّلنا عن ذلك فغايتهما العموم فيتعارضان بالعموم من وجه ، والترجيح مع الأولى بمخالفة العامة ، كما صرّح به الجماعة ، وبموافقة الأصحاب.
ومنه يعلم الجواب عن رواية ابن الفضيل ، الآتية ، وصحيحة علي : عن الرجل يلعب مع المرأة ويقبّلها فيخرج منه المني فما عليه؟ قال : « إذا جاءت الشهوة ودفع وفتر لخروجه فعليه الغسل ، وإن كان إنما هو شيء لم يجد له فترة ولا شهوة فلا بأس » (٢).
حيث إنّ المحتمل فيها رجوع المستتر في « كان » إلى الخارج دون المني.
مع أنّه لو أرجح إليه أيضا ، لم يضر ، إذ تصير الرواية حينئذ مخالفة لعمل جلّ الأصحاب بل كلّهم ، فتخرج عن الحجية.
ومنه يعلم جواب آخر عن هذه الروايات لو سلّمت دلالتها.
هذا كلّه ، مع أنّ لنا أن نقول بدلالة الموثّقتين على وجوب الغسل مع العلم بعدم الشهوة أيضا بخصوصهما ، حيث إنّهما دلّتا على وجوبه مع عدم العلم بها ، ولو لا وجوبه مع العلم بالعدم أيضا ، لما وجب مع عدم العلم ، لأصالة عدم تحقّق الشهوة ، فتأمّل.
وهو الحقّ المشهور (٣) ، بل المجمع عليه عندنا أيضا ـ لشذوذ المخالف ـ إذا كان من المرأة كذلك ، لما مرّ من الإجماع ، وللمستفيضة من النصوص :
كرواية معاوية بن حكيم : « إذا أمنت المرأة والأمة من شهوة ، جامعها الرجل أو لم يجامعها ، في نوم كان ذلك أو في يقظة ، فإنّ عليها الغسل » (٤).
__________________
(١) ستأتي في الصفحة ٢٥٥.
(٢) التهذيب ١ : ١٢٠ ـ ٣١٧ ، الاستبصار ١ : ١٠٤ ـ ٣٤٢ ، الوسائل ٢ : ١٩٤ أبواب الجنابة ب ٨ ح ١.
(٣) عطف على قوله : وهو محلّ الوفاق ، في الصفحة ٢٥٢.
(٤) التهذيب ١ : ١٢٢ ـ ٣٢٤ ، الاستبصار ١ : ١٠٦ ـ ٣٤٧ ولكن فيه عن معاوية بن عمار ، الوسائل ٢ : ١٨٩ أبواب الجنابة ب ٧ ح ١٤.