والمكان المغصوب لا تصحّ الصلاة فيه للغاصب ، ولا لغيره ممن علم الغصب ، فإن صلى عامدا عالما كانت صلاته باطلة.
______________________________________________________
العلم برضاه مع عدم تعينه ، بل قيل : إنه لا يقدح في الجواز كون المكان لمولّى عليه (١) ، وهو كذلك ، إذ المفروض عدم تخيل ضرر بذلك التصرف عاجلا أو آجلا بحيث يسوغ للولي الإذن فيه ، ومتى ثبت جواز الإذن من الولي وجب الاكتفاء بإفادة القرائن اليقين برضاه ، كما لو كان المال لمكلف.
قوله : ( والمكان المغصوب لا تصح فيه الصلاة للغاصب ، ولا لغيره ممن علم بالغصب ، فإن صلى كانت صلاته باطلة ).
أجمع العلماء كافة على تحريم الصلاة في المكان المغصوب مع الاختيار. وأطبق علماؤنا على بطلانها أيضا ، لأن الحركات والسكنات الواقعة في المكان المغصوب منهي عنها كما هو المفروض فلا يكون مأمورا بها ، ضرورة استحالة كون الشيء الواحد مأمورا به ومنهيا عنه. وخالف في ذلك أكثر العامة (٢) ، فحكموا بصحتها بناء على جواز كون الشيء الواحد مأمورا به ومنهيا عنه ، واستدلوا عليه بأن السيد إذا أمر عبده بخياطة ثوب ونهاه عن الكون في مكان مخصوص ثم خاطه في ذلك المكان فإنه يكون مطيعا عاصيا لجهتي الأمر بالخياطة والنهي عن الكون.
وجوابه أنّ المأمور به في هذا المثال غير المنهي عنه ، إذ المأمور به الخياطة ، والمنهي عنه الكون ، وأحدهما غير الآخر ، بخلاف الصلاة الواقعة في المكان المغصوب فإن متعلق الأمر والنهي فيها واحد ، وهو الحركات والسكنات المخصوصة.
فإن قلت : الكون في الخياطة واجب من باب المقدمة ، فإذا تعلق به النهي اجتمع الواجب والحرام في الشيء الواحد وهو الذي أنكرتموه.
__________________
(١) كما في الذكرى : ١٥٠.
(٢) نقله عن أبي حنيفة ومالك وأحد قولي الشافعي ابن قدامة في المغني ١ : ٧٥٨.