______________________________________________________
قلت : هذا الاجتماع إنما يقتضي فساد ذلك الكون خاصة لا الخياطة ، ووجوبه على تقدير تسليمه إنما هو من باب المقدمة ، والغرض من المقدمة التوصل إلى الواجب وإن كانت منهيا عنها ، لسقوط الطلب عندها ، كما في سلوك الطريق المغصوب إلى الميقات عند وجوب الحج. فتأمل.
ومن هنا يظهر رجحان القول بصحة الطهارة الواقعة في المكان المغصوب ، كما قطع به في المعتبر (١) ، لأن الكون ليس جزءا منها ولا شرطا فيها فلا يؤثر تعلّق النهي به في فسادها.
ولا فرق في بطلان الصلاة في المكان المغصوب بين مغصوب العين والمنفعة ، ولا في الصلاة بين اليومية وغيرها. وقال بعض العامة : يصلي الجمعة والعيد والجنازة في الموضع المغصوب ، لأن الإمام إذا صلى في موضع مغصوب فامتنع الناس فاتتهم الصلاة ، ولهذا أبيحت الجمعة خلف الخوارج والمبتدعة (٢). وهو غلط فاحش.
ولو أذن المالك للغاصب أو لغيره في الصلاة ارتفع المنع قطعا لارتفاع النهي. وقال الشيخ في المبسوط : لو صلى في مكان مغصوب مع الاختيار لم تجز الصلاة فيه ، ولا فرق بين أن يكون هو الغاصب أو غيره ممن أذن له في الصلاة ، لأنه إذا كان الأصل مغصوبا لم تجز الصلاة فيه (٣). والظاهر أنّ مراده ـ رحمهالله ـ بالآذن الغاصب كما ذكره العلامة رحمهالله (٤) ـ وإن كان الوهم لا يذهب إلى احتمال الجواز مع إذنه ـ إذ لا تستقيم إرادة المالك للقطع بجواز الصلاة مع إذنه وإن بقي الغصب في الجملة. وقال في المعتبر : إنّ مراده بالآذن هنا المالك (٥) وهو بعيد جدا ، إذ لا وجه للبطلان على هذا التقدير.
__________________
(١) المعتبر ٢ : ١٠٩.
(٢) كما في المغني ١ : ٧٥٨.
(٣) المبسوط ١ : ٨٤.
(٤) التذكرة ١ : ٨٧.
(٥) المعتبر ٢ : ١٠٩.