______________________________________________________
ذكر نحو ذلك ـ : وتحقيقه أنه إذا أريد نية الظهر ـ مثلا ـ فالطريق إليها إحضار المنوي بمميزاته عن غيره في الذهن ، فإذا حضر قصد المكلف إلى إيقاعه تقربا إلى الله ، وليس فيه ترتيب بحسب التصور ، وإن وقع ترتيب فإنما هو بحسب التعبير عنه بالألفاظ إذ من ضرورتها ذلك ، فلو أن مكلفا أحضر في ذهنه الصلاة الواجبة المؤداة ثم استحضر قصد فعلها تقربا وكبّر كان ناويا (١).
إذا عرفت ذلك فنقول : إنه يعتبر في نية الصلاة : القربة وهي الطاعة لله تعالى وامتثال أمره ، والتعيين إجماعا.
أما القربة فلقوله تعالى ( وَما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) (٢) والإخلاص هو نية التقرب.
وأما التعيين فلأن الفعل إذا كان مما يمكن وقوعه على وجوه متعددة افتقر اختصاصه بأحدها إلى النية ، وإلاّ لكان صرفه إلى البعض دون البعض ترجيحا من غير مرجح.
وقد قطع المصنف وغيره (٣) بأنه يعتبر مع نية القربة والتعيين الوجوب أو الندب ، والأداء أو القضاء. واستدلوا عليه بأن جنس الفعل لا يستلزم وجوهه إلاّ بالنية ، فكلما أمكن أن يقع على أكثر من وجه واحد افتقر اختصاصه بأحد الوجوه إلى النية. فينوي الظهر مثلا لتتميز عن بقية الصلوات ، والفرض ليتميز عن إيقاعها ندبا كمن صلى منفردا ثم أدرك الجماعة ، وكونها أداء لتتميز عن القضاء.
وهو استدلال ضعيف ، فإن صلاة الظهر مثلا لا يمكن وقوعها من المكلف في وقت واحد على وجهي الوجوب والندب ليعتبر تميز أحدهما من الآخر ، لأن
__________________
(١) الذكرى : ١٧٦.
(٢) سورة البينة : ٥.
(٣) كالشهيد الأول في الذكرى : ١٧٧.