______________________________________________________
من صلى الفريضة ابتداء لا تكون صلاته إلاّ واجبة ، ومن أعادها ثانيا لا تقع إلاّ مندوبة.
وقريب من ذلك الكلام في الأداء والقضاء. نعم لو كانت ذمة المكلف مشغولة بكل منهما اتجه اعتبار ملاحظة أحدهما ليتخصص بالنية. ولا ريب أن الاحتياط يقتضي المصير إلى ما ذكروه.
وقد قطع الأصحاب بأنه لا يعتبر في النية قصد القصر أو الإتمام وإن كان المكلف مخيرا بينهما ، كما في أماكن التخيير. وهو كذلك ، أما مع لزوم أحد الأمرين فظاهر لتعيّن الفرض ، وأما مع التخيير فلأنه لا يتعين أحدهما بالنية ، بل يجوز للمكلف مع نية القصر الاقتصار على الركعتين والإتمام ، كما نصّ عليه في المعتبر (١) ، فلا حاجة إلى التعيين.
وبالجملة فالمستفاد من الأدلة الشرعية سهولة الخطب في النية ، وأن المعتبر فيها قصد الفعل المعين طاعة لله تعالى خاصة. وهذا القدر أمر لا يكاد ينفك منه عاقل متوجه إلى إيقاع العبادة. ومن هنا قال بعض الفضلاء : لو كلف الله بالصلاة أو غيرها من العبادات بغير نية كان تكليف ما لا يطاق. وقال بعض المحققين : لولا قيام الأدلة على اعتبار القربة ، وإلاّ لكان ينبغي أن يكون هذا من باب « اسكتوا عما سكت الله عنه ».
وذكر الشهيد في الذكرى : أن المتقدمين من علمائنا ما كانوا يذكرون النية في كتبهم الفقهية ، بل يقولون : أول واجبات الوضوء ـ مثلا ـ غسل الوجه ، وأول واجبات الصلاة تكبيرة الإحرام ، وكأن وجهه أن القدر المعتبر من النية أمر لا يكاد يمكن الانفكاك عنه ، وما زاد عنه فليس بواجب (٢).
ومما يؤيد ذلك عدم ورود النية في شيء من العبادات على الخصوص ، بل خلو الأخبار الواردة في صفة وضوء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وغسله وتيممه من
__________________
(١) المعتبر ٢ : ١٥٠.
(٢) الذكرى : ٨٠.