فيعطيهم على قدر كفايتهم مقتصدا ، فإن فضل عن كفايتهم شيء عن نصيبهم كان له ، ولو أعوز كان عليه الإتمام من نصيبه (١).
وخالف في ذلك الحلّي ومنع الحكمين ـ أي كون الزائد له والناقص عليه ـ أشدّ منع (٢).
وأطال الفريقان في النقض والإبرام والجدال والبسط من الكلام والقيل والقال.
وأنا لا أرى في التعرّض للمسألة جدوى وفائدة ، وذلك لأنّ مقصودهم إن كان بيان حكم الإمام وما له وعليه حال وجوده فهو تعرّض بارد واتّجار كأسد ، لأنّه المرجع في الأحكام والعارف بالحلال والحرام.
وإن كان غرضهم معرفة ما كان عليه ، حتى يبنى تقسيم الخمس في زمان الغيبة عليه ، كما ذكره المحقّق الثاني في شرح القواعد ، حيث قال بعد اختيار المشهور : ويتفرّع عليه جواز صرف حصّته في حال الغيبة إليهم وعدم جواز إعطاء الزائد على مئونة السنة (٣). انتهى. فتستخرج منه أحكام ثلاثة : كون الفاضل مال الإمام الغائب ، وإتمام الناقص من حصّته ، والاكتفاء في إعطاء الخمس بقدر مئونة السنة مقتصدة.
ففيه : أنّه لا يمكن وجود الفاضل والعلم به في هذه الأزمان ، لعدم محصوريّة فقراء السادة ، مع أنّهم لو عرفوا جميعا لما يفضل عنهم شيء. فلا يتفرّع الحكم الأول تفريعا مفيدا لنا.
وأمّا الثاني ، فإنّما كان يفيد لو علمنا أنّه عليهالسلام كان يتمّ الناقص من
__________________
(١) انظر الرياض ١ : ٢٩٩.
(٢) السرائر ١ : ٤٩٢.
(٣) جامع المقاصد ٣ : ٥٤.