وعلى هذا ، فنقول : إنّ تعارض الموثّقة مع مطلقات الكفّارة بالعموم المطلق ، لأنّ أخبار الكفّارة وإن كانت مخصوصة على الظاهر بالكفّارة ـ فيتوهّم وجه خصوصيّة لها ، حيث إنّ الموثّقة تنفي الشيء مطلقا ـ إلاّ أنّ ثبوت الكفّارة يستلزم ثبوت القضاء أيضا بالإجماع المركّب ، بل الإثم للتقصير ، فتساوي الموثّقة من تلك الجهة ، حيث إنّ الشيء المنفيّ لا يخرج عن هذه الثلاثة بالإجماع وشاهد الحال ، وتبقى الموثّقة أخصّ من جهة الجاهل ، فيلزم تقديم الموثّقة ونفي الكفّارة ، وبه يطرح القول الثاني.
وأمّا مع مطلقات القضاء وإن كان تعارضها بالعموم من وجه ـ لأنّ المطلقات تثبت القضاء والموثّقة تنفي الشيء مطلقا ـ إلاّ أنّ الأصل مع الموثّقة ، وهو المرجّح عند فقد الترجيح والتخيير كما في المقام ، وهو مع عدم القضاء أيضا ، وبه يبطل القول الثالث أيضا ، فيبقى الأول ، وعليه الفتوى ، وهو المعوّل.
ولكن الظاهر اختصاص ذلك بالجاهل الساذج ، والمراد منه : من لا يشكّ في عدم الإفساد به ، ولا يخطر بباله احتمال الضرر ، لأنّه الظاهر من قوله : وهو لا يرى إلاّ أنّ ذلك حلال له (١). ولا أقلّ من احتمال ذلك المعنى ، وهذا المعنى هو الذي لا يقدر معه على الاحتياط كما في صحيحة ابن الحجّاج (٢) ، فتبقى المطلقات في غيره خالية عن المعارض.
فالحقّ في المسألة : انتفاء الإثم والقضاء والكفّارة مع الجهل الساذج ،
__________________
(١) تقدّم في ص : ٣٢٥.
(٢) المتقدّمة في ص : ٣٢٥.