وإطلاق المال وعدم الاستفصال ينافي اختصاصه بكونه من الأموال المختصّة للإمام المفقودة منه. ولا ينافي الأخبار المتضمّنة للتصدّق مطلقا لذلك أيضا ، لأنّ له صرف ماله في أيّ مصرف أراد.
وتدلّ عليه أيضا الأخبار الآتية في بحث الأنفال من ذلك المبحث ، المصرّحة : بأنّ الأراضي التي جلي أهلها أو باد من الأنفال (١).
فإن قيل : فعلى هذا فلا يثبت من الأخبار المتقدّمة وجوب التصدّق به ، لأنّ أمر الإمام أحدا بالتصدّق بما عنده من مال الإمام لا يدلّ على ثبوته في حقّ الغير أيضا ،. بل ولو لا رواية داود أيضا لا يثبت ، لأنّ الأمر بالتصدّق يحتمل أن يكون إذنا منه فلا يفيد جواز التصدّق لغير المأمور.
قلنا : نعم ، ولكن أمره عليهالسلام بالتصدّق به حال ظهوره عليهالسلام ووجود مصارف كثيرة له للمال يثبته في حال الغيبة وعدم احتياجه وفاقة مواليه بالطريق الأولى .. بل لنا إثبات جواز التصدّق ـ بل وجوبه ـ بالإذن الحاصل من شاهد الحال أيضا ، سيّما مع تأيده بتلك الأخبار ، وكون حفظه وإبقائه للإمام ـ كما جعله أحد الوجهين في نهاية الإحكام (٢) ، وحكي عن الحلّي (٣) ـ معرضا لفساد المال ، وعدم وصوله إلى أهله.
وهل يتوقّف التصدّق على إذن النائب العام أو مباشرته في زمن الغيبة ، أم لا؟
الظاهر : نعم ، إذ الأصل عدم جواز تصرّف كلّ أحد ، ولا يثبت من فحوى أخبار التصدّق وشاهد الحال أزيد من ذلك ، ولا يحصل العلم
__________________
(١) الوسائل ٩ : ٥٢٣ أبواب الأنفال وما يختص بالإمام ب ١.
(٢) الموجود في نهاية الإحكام ٢ : ٥٢٥ : ولو عرف القدر دون المالك تصدق به أو احتفظه ودفعه إلى مالكه.
(٣) السرائر ١ : ٤٨٨.