والمشهور بين الأصحاب : الثاني (١) ، إلاّ أنّ الوجوب موسّع عندهم إلى طول السنة.
دليل الأول : الإجماع ، وأنّ وجوب الخمس بعد مئونة السنة ، وهي غير معلومة بل ولا مظنونة ، لأنّ حدوث الحوادث المحتاجة إلى المؤنة ـ كخراب عمارة وحصول أمراض أو غرامة أو ورود أضياف أو موت أو نحوها ـ ممكن ، والأصل براءة الذمّة وعدم الوجوب.
ودليل الثاني على الوجوب : العمومات (٢) والإطلاقات ، وعلى التوسعة : الإجماع ، واحتياط المؤنة.
أقول : التحقيق أنّ ثبوت حقّ أرباب الخمس في الفاضل عن مئونة السنة أمر واقعي غير محتاج إلى علم ربّ المال به حينئذ ، ولا دليل على تقييد العمومات به ، بل تكفي معلوميّته عند الله سبحانه ، لأنّ تعلّق حقّهم به أمر وضعي غير محتاج إلى علم المكلّف.
نعم ، وجوب إخراجه عليه يتوقّف على علمه بالقدر الفاضل ، وهو أمر لا سبيل إليه إلاّ بعد مضي السنة. وعلى هذا ، فلو أخرجه قبل الحول ، وظهر بعده أنّه كان مطابقا للواقع ، يكون مشروعا ومجزئا عنه ، ولو أخّره إلى الحول كان جائزا له ولم يكن عاصيا.
فإن أراد الأول بعدم الوجوب قبل الحول : عدم مشروعيّته وإجزائه لو أخرجه قبله وظهر كونه فاضلا ـ كما صرّح به بعضهم (٣) ـ فهو غير صحيح ، لحصول الكشف بتعلّق حقّ الغير به ووصوله إلى أهله ، فلا وجه لعدم
__________________
(١) منهم العلاّمة في المنتهى ١ : ٥٥٠ ، والسبزواري في الكفاية : ٤٤.
(٢) المتقدمة في ص ٧٥ و ٧٦.
(٣) انظر المدارك ٥ : ٣٩١.