بذلك ـ فلا يلزم من بطلان هذه الحركات والسكونات بطلانها ، بل أقصاه الانتقال إلى فردها المجرد عن هذه الأفعال ـ واضح الفساد ، ضرورة أنه يرجع إلى أن النافلة مجرد النية ونحوها من الأفعال القلبية ، أو هي والقراءة مثلا ، وهو خلاف المقطوع به من النصوص والفتاوى بل الضرورة ، مع أن القراءة في التحقيق أيضا من التصرف في الفراغ ، لأن حركات الفم تقومه الألفاظ التي هي عبارة عن الأصوات المقطعة لا مقدمة ، فيتجه اجتماع الأمر والنهي فيه ، ولعله لذا جزم ببطلان القراءة المنذورة في المكان المغصوب في المحكي عن نهاية الأحكام والدروس والموجز الحاوي والروض والمقاصد العلية ، خلافا لما عن مجمع البرهان من عدم البطلان ، وأما صحتها ماشيا خارجا مؤميا فقد يشهد لها ما تسمعه من صحة صلاة الغاصب عند الضيق ماشيا خارجا مؤميا ، إذ ليس مبناه إلا نفي الإثم في الكون الخروجي ، فلا مانع من وقوع الصلاة حاله فريضة كانت أو نافلة ، إلا أن الفرق بينهما عدم جواز الكيفية المزبورة في الأولى إلا في حال الاضطرار ولو للضيق ، بخلاف الثانية ، فيجوز فيها ذلك اختيارا ، وهو لا ريب فيه ، بناء على عدم اختصاص ذلك بدليل يختص به من إجماع ونحوه ، وستعرف البحث فيه ، لكن حمل كلام المصنف عليه كما ترى كاد يكون مقطوعا بعدم إرادته.
وأولى منه تنزيله على ما سمعته منه في القبلة سابقا مما يظهر منه أنه لا يعتبر في النافلة كون ولا استقبال ولا غيرهما ، فحينئذ له فعلها قائما وجالسا ومضطجعا وماشيا وراكبا ، ومحصله أن ذلك كله من ضروريات الجسم ، وإلا فلا يعتبر فيها شيء من الكون وإن كان فرد من أفرادها كذلك ، فحينئذ له فعل ما لا مدخلية للكون فيه من أفرادها كالصلاة ماشيا وإن لم يكن خارجا من الدار الخروج المأمور به ، أو واقفا لا بقصد إرادة الفرد الوقوفي منها ، أو غير ذلك ، ولعله لا يعتبر الإيماء للركوع والسجود فيها كي يلزم به