إلى غير ذلك من النصوص التي قد يقرر دلالتها على المطلوب بأن هذا الاختلاف فيها لا يصلح له إلا الكراهة المختلفة باختلاف هذه المراتب شدة وضعفا كما لا يخفى على الخبير الممارس لما وقع منهم عليهمالسلام في بيان المندوبات والمكروهات من منزوحات البئر وغيرها ، أو بأن هذه النصوص قد اشتركت في الدلالة على عدم اعتبار الحائل والعشر ، فإذا انتفى ذلك ثبت الجواز مطلقا ، إذ لا قائل بالفصل سوى ما يحكى عن الجعفي من المنع فيما دون عظم الذراع والجواز معه ، وهو شاذ لم ينقله إلا قليل ، بل ظاهر جمع الإجماع على خلافه حيث ادعوا عدم القول بالفرق بين القولين المشهورين مؤذنين بدعوى الإجماع على فساد القول الثالث ، فلا بد حينئذ من حمل النهي في بعضها والبأس في مفهوم الآخر على الكراهة ، ومعارضة ذلك بأنها قد اشتركت في الدلالة على المنع في الجملة ، فيثبت خصوص العشر والحائل مثلا لعدم القول بالفصل إلى آخر ما عرفت يدفعها أن ذلك مقتض لطرحها ، ضرورة عدم الوجه لما فيها من التصريح بالجواز مع حصول الشبر ونحوه بما ذكره فيها ، بخلافه على التقدير الأول الذي قد عرفت حمل النهي والبأس على الكراهة باختلاف مراتبها بناء عليه ، ولا ريب أن ذلك أولى من الطرح.
بل منه ينقدح مرجح آخر لأدلة الجواز زائد على الأصل والإطلاقات والشهرة المتأخرة وغير ذلك مما عرفته ، وهو أنه بناء على العمل بها يتجه حمل نصوص المنع على الكراهة التي هي مجاز شائع حتى ادعي مساواته للحقيقة ، بخلاف العكس المقتضي لطرح أدلة الجواز التي هي أكثر عددا وأوضح سندا بل ودلالة ، إذ الأولان وإن اشتملا على لفظ النهي في جواب السؤال الذي يمكن دعوى ظهوره في إرادة مطلق الجواز ، إلا أن الاستدراك بعده بذكر تقديم الرجل الذي هو مستحب على الأصح كما ستعرف قد يشعر بعدم إرادة الحرمة منه ، وإلا كان المناسب استدراك الجائز : أي تقدم.