إلى هشام بن سالم (١) في حديث طويل أنه قيل للصادق عليهالسلام : « هل يزار والدك؟ قال : نعم ويصلي عنده ، قال : ويصلى خلفه ولا يتقدم عليه » وعنه أيضا مسندا إلى الحسن بن عطية (٢) عنه عليهالسلام أيضا « إذا فرغت من التسليم على الشهداء أتيت قبر أبي عبد الله عليهالسلام تجعله بين يديك ثم تصلي ما بدا لك » قيل : وهو مروي في الكافي أيضا.
وتقييد الصحيحين بما في هذه النصوص ـ فيستثنى حينئذ قبورهم عليهمالسلام من الاتخاذ قبلة فيهما كما التزمه في الحدائق ـ فيه أولا أنه لا يقول به المفيد ومن تبعه ، بل ظاهره عدم الفرق بين القبور في منع الصلاة إليها ، لأنه قال بعد إطلاق المنع : وقد قيل : لا بأس بالصلاة إلى قبلة فيها قبر إمام عليهالسلام والأصل ما ذكرنا ، لكنه قال بعد ذلك بلا فصل : ويصلي الزائر مما يلي رأس الإمام ، فهو أفضل من أن يصلي إلى القبر من غير حائل بينه وبينه على حال ، وظاهره الجواز لكنه مفضول ، بل قد ينقدح من ذلك ـ لمساواته بين الامام وغيره ـ إرادة الكراهة من المنع في كلامه ، بل لعل الحلبي كذلك ، فتخرج المسألة حينئذ عن الخلاف ، ويكون المحدث البحراني خارقا للإجماع بغير شيء يعول عليه. وثانيا أنه لا يتم في صحيح زرارة الذي هو أحد الصحيحين المعتمد عليهما في تقييد أدلة الجواز ، بل هو العمدة منهما باعتبار اشتماله على النهي بخلاف الآخر المقتضي لثبوت البأس في المفهوم ، وهو أعم من المنع ، ضرورة اقتضاء التعليل فيه مساواة القبور في منع الاتخاذ قبلة على وجه لا يصح تقييده بالنصوص المزبورة ، وحمله على الكراهة كقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (٣) فيما أرسله في الفقيه : « لا تتخذوا قبري قبلة ولا مسجدا » يقضي بإرادتها من المعلل حينئذ ، ويتم المقصود
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب مكان المصلي ـ الحديث ٧.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦٩ ـ من كتاب المزار ـ الحديث ١.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب مكان المصلي ـ الحديث ٣.