لا يستوي من يعمر المساجدا |
|
يدأب فيها قائما وقاعدا |
ومن يرى عن الغبار حائدا (١) |
وقد أغضب مفاد هذه الابيات عثمان بن عفان ، فقال لعمار مهدّدا : قد سمعت ما تقول منذ اليوم يا ابن سمية ، والله إني لأراني سأعرض هذه العصا لأنفك أي أضربك بها ، وفي يده عصا!!
فلما عرف رسول الله صلىاللهعليهوآله بكلام عثمان غضب وقال :
« ما لهم ولعمّار ، يدعوهم إلى الجنّة ، ويدعونه إلى النار.
إنّ عمارا جلدة ما بين عينيّ وأنفي .. » (٢).
وكان « عمار » فتى الاسلام القوي ، يحمل قدرا كبيرا من اللبن والاحجار في بناء المسجد ولا يكتفي بحمل شيء قليل منها.
فكان البعض يستغل طيب قلبه واخلاصه فيثقله باللبن والاحجار.
ويروى أن اصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآله جعل يحمل كل واحد لبنة لبنة وعمار يحمل لبنتين لبنتين لبنة عنه ولبنة عن النبيّ صلىاللهعليهوآله محبة منه لرسول الله صلىاللهعليهوآله (٣).
وذات مرة رآه رسول الله صلىاللهعليهوآله وقد حمّلوه ثلاث لبن أو احجار ثقيلة فشكا إليه عملهم وقال : يا رسول الله قتلوني يحملون عليّ ما لا يحملون فنفض رسول الله صلىاللهعليهوآله وفرته (٤) وكان رجلا جعدا وهو يقول قولته التاريخية :
« ويح ابن سمية ليسوا بالذين يقتلونك ، انما تقتلك الفئة الباغية » (٥).
__________________
(١) السيرة النبوية : ج ١ ص ٤٩٦ ، وتاريخ الخميس : ج ١ ص ٣٤٥ والسيرة الحلبية : ج ٢ ص ٧٦ ومع ان ابن اسحاق صرّح باسم عثمان بن عفان ولكن ابن هشام الذي لخصّ سيرة ابن اسحاق امتنع عن تسمية عثمان. وقال صاحب المواهب الدنية : المراد في هذه الابيات عثمان بن مظعون ، راجع هامش سيرة ابن هشام أيضا.
(٢) تاريخ الخميس : ج ١ ص ٣٤٥.
(٣) السيرة الحلبية : ج ٢ ص ٧١ ، البداية والنهاية : ج ٢ ص ٢١٧.
(٤) اي شعر راسه.
(٥) المصدران السابقان