وقد كان هذا الخبر الغيبي من الدلائل القوية على نبوة الرسول الكريم صلىاللهعليهوآله وصدق دعواه ، وصحة إخباراته ، فقد وقع ما أخبره كما أخبر ، فقد قتل « عمّار » وهو في التسعين من عمره في معركة صفين عند ما كان يقاتل جيش الشام بين يدي علي عليهالسلام ، فقتله أنصار معاوية ، وقد أحدث هذا الخبر الغيبي أثرا عجيبا في حياة المسلمين فقد جعله المسلمون معيارا لمعرفة الحق ، أي كانوا يعرفون حقانية أي جهة من الجهات وأي طرف من الأطراف في الصراعات والنزاعات بانضمام عمّار إليه.
وعند ما قتل عمّار في ساحة القتال بصفين ، دبّ في أهل الشام اضطراب عجيب.
فالذين كانوا في شك في حقانية « عليّ » عليهالسلام وموقفه في هذه الحرب بفعل الدعاية المضادة التي كان يقوم بها معاوية ومساعده عمرو بن العاص ضد الامام قد انتبهوا على خطائهم وعرفوا بمقتل « عمّار » على أيدي أنصار معاوية بأن عليا على حق وأن معاوية وجماعته هي الفئة الباغية التي أخبر عنها رسول الله صلىاللهعليهوآله .
ومن هؤلاء « خزيمة بن ثابت » الأنصاريّ الذي خرج مع الإمام عليّ عليهالسلام لقتال معاوية ، ولكنّه كان متردّدا في مقاتلته ، بيد أنه جرد سيفه بعد مقتل « عمّار » على أيدي أهل الشام ، وحمل عليهم (١).
ومنهم « ذو الكلاع » الحميري الذي خرج على رأس عشرين ألف مقاتل وهم تمام رجال قبيلته ، مع معاوية لمحاربة الامام عليّ عليهالسلام وكان معاوية يعتمد على نصرته اعتمادا كبيرا ، حتى أنه لم يقدم على اتخاذ قرار الحرب إلاّ بعد أن اطمأنّ الى تأييده له ، ومشاركته في قتال علي عليهالسلام.
فقد صدم القائد المخدوع بشدة عند ما سمع بوجود « عمّار » في معسكر الامام « علي ».
__________________
(١) المستدرك على الصحيحين : ج ٣ ص ٣٨٥ ووقعة صفين لابن مزاحم.