(١) ٢ ـ « حنظلة » وهو شاب لم يكن قد جاوز الرابعة والعشرين من عمره آنذاك. وهو ابن « أبي عامر » عدوّ رسول الله صلىاللهعليهوآله والذي كان مصداقا لقول الله تعالى « يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ».
فقد اشترك والده أبو عامر الفاسق في معركة « احد » إلى جانب قريش ضد رسول الله صلىاللهعليهوآله وكان ممن يكيدون للاسلام وممن حرّض قريشا ضدّ النبيّ صلىاللهعليهوآله واستمرّ في معاداة الاسلام حتى النفس الأخير ، ولم يأل جهدا في هذا السبيل.
وقد كان أبو عامر هذا هو السبب الرئيسيّ وراء حادثة مسجد « ضرار » التي سيأتي تفصيلها في حوادث السنة التاسعة من الهجرة.
غير أن علاقة الابوة والبنوة وما يتبعها من احاسيس لم تصرف حنظلة عن الاشتراك في حرب ضد أبيه ، ما دام أبوه على باطل وهو ( أي حنظلة ) على الحق فيوم خرج النبيّ مع أصحابه الى « احد » لمواجهة قريش كان حنظلة يريد البناء بزوجته ليلته ، فقد تزوج بابنة « عبد الله بن ابيّ بن سلول » وكان عليه أن يقيم مراسيم الزفاف والعرس في الليلة التي خرج رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى « احد » في صبيحتها المنصرمة.
ولكنه عند ما سمع مؤذن الجهاد ، ودوّى نداؤه في اذنه بحيّر في ما يجب أن يفعله ، فلم يجد مناصا من أن يستأذن من رسول الله صلىاللهعليهوآله بان يتوقف في المدينة ليلة واحدة لاجراء مراسيم العرس ويقيم عند عروسته ثم يلتحق بالمعسكر الاسلامي صبيحة الغد من تلك الليلة.
وقد نزل في هذا الشأن ـ على رواية العلاّمة المجلسي ـ قوله تعالى :
« إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ » (١).
__________________
(١) النور : ٦٢.