ولا بدّ أن تحلّ هذه المشكلة بيد علي عليهالسلام فارس ميادين الحرب المقدام ، وكان كذلك ، فلما أبدى عليّ عليهالسلام استعداده الكامل لمقاتلة عمرو أعطاه رسول الله صلىاللهعليهوآله سيفه وعممه بيده ، ووجّهه صوب عمرو وقد دعا له قائلا : اللهم أعنه عليه. وقال أيضا :
« اللهم إنّك أخذت منّي عبيدة بن الحارث يوم بدر ، وحمزة بن عبد المطلب يوم احد ، وهذا أخي علي بن أبي طالب ربّ لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين » (١).
فبرز عليّ عليهالسلام إلى عمرو يهرول في مشيته ، مبادرا إليه دون ابطاء ، وهنا قال رسول الله صلىاللهعليهوآله كلمته الخالدة في تلك المواجهة :
« برز الإيمان كله إلى الشرك كلّه » (٢) وارتجز عليهالسلام قائلا :
لا تعجلنّ فقد أتاك |
|
مجيب صوتك غير عاجز |
ذونيّة وبصيرة |
|
والصدق منجي كل فائز |
إني لأرجو أن اقيم |
|
عليك نائحة الجنائز |
من ضربة نجلاء يبقى |
|
ذكرها عند الهزاهز |
وقد كان عليّ عليهالسلام مسربلا بالحديد لا يرى منه إلاّ عيناه من تحت المغفر ، فأراد عمرو أن يعرف من برز إليه فقال : من أنت؟
قال : أنا عليّ بن أبي طالب.
فقال عمرو : إنّي أكره أن اريق دمك ، والله إن أباك كان لي صديقا ونديما ، ما أمن ابن عمك حين بعثك إليّ أن اختطفك برمحي هذا فأتركك شائلا بين السماء والأرض لا حيّ ولا ميت.
فقال عليّ عليهالسلام : لكنني ما أكره والله أن أهريق دمك ، وقد علم ابن
__________________
(١) كنز الفوائد : ص ١٣٧.
(٢) تاريخ الخميس : ج ١ ص ٤٨٦ و ٤٨٧ ، بحار الأنوار ، ج ٢٠ ص ٢١٥.