ألقت الرعب في قلوب الكثيرين من أهل المدينة فزاغت الابصار هولا ، وبلغ القلوب الحناجر خوفا ، وظنّ البعض أن ما أعطاهم الله ورسوله من الوعد بالتأييد والنصرة لم يكن صحيحا.
٣ ـ ثم تحدثت الآية الثالثة عن الابتلاء والاختبار الذي أفرزه هذا الوضع الخطير ، فقد ابتلى المسلمون في هذه الواقعة ، وتملكهم خوف شديد.
٤ ـ ولكن المنافقين ، والذين في قلوبهم مرض كانوا أشد هولا وخوفا حتى أن ذلك الكرب والهول أخرج خبيئة نفوسهم ، فشككوا في وعود الله الصادقة ، وقالوا : ما وعدنا الله إلاّ غرورا ، فهو خدعنا إذ وعدنا بالغلبة على أعدائنا.
٥ ـ ولم يكتف المنافقون باشاعة هذه التشكيكات بين المسلمين بل دعوا أهل المدينة إلى الانسحاب من الميدان إلى داخل المدينة ، وبالتالي حرّضوهم على ترك الصفوف. واحتجوا لذلك بالخوف على النساء والصبيان من كيد الاعداء قائلين : « بيوتنا عورة » وهم لا يريدون إلاّ الفرار جبنا وخوفا.
٦ ـ ثم تكشف الآية السادسة والسابعة عن حقيقة ما في نفوس اولئك المنافقين ، فهم لا يريدون الانسحاب إلى داخل المدينة للمحافظة على الذراري والصبيان ، انما هو نقض العهد ، وخلف الوعد وفقدان الايمان القلبي فهم اذا دخل عليهم العدوّ المدينة وطلبوا منهم الرجوع عن الاسلام لرجعوا إلى الكفر دون تأخير. ولكن الله سيسألهم عن العهد الذي أعطوه من قبل بأن يثبتوا امام العدو ، وكان عهد الله مسئولا ».
٧ ـ ثم إن الله تعالى يوبخهم ـ في الآية في الآيات اللاحقة ـ على موقفهم المتخاذل هذا ، ويقول لهم : بأن الفرار والانسحاب لن ينجيهم من الموت ان كان مقدّرا عليهم ، وحتى لو عاشوا أياما فلن يعيشوها في خير وأمان.
كما ويقول لهم : بأن الله لا يخفى عليه ما يقومون به من تخذيل وعرقلة لمسيرة الاسلام الصاعدة ، ولا تخفى عليه سبحانه مواقفهم في أوقات المحنة ، من كف الايدى عن مساعدة المؤمنين ، أو سلقهم بألسنتهم وتحميلهم عوامل المحنة والشدة ،