حتى بعد الانتصار.
وهنا يبدو ويبرز دور المنافقين ، وتظهر حالاتهم العجيبة في الحرب والسلم.
فهم يخافون خوفا شديدا ، وهم يظنون بالله ظن السوء وهم يشيعون الخوف وروح الهزيمة في الناس وهم ينسحبون ويدعون إلى الانسحاب من الصفوف وهم مستعدون في كل وقت للارتداد والرجوع عن الاسلام الى الكفر ، وهم بالتالي اشحة بخلاء ، في نفوسهم كزازة على المسلمين كزازة بالجهد وكزازة بالمال وكزازة بالعواطف والمشاعر على السواء.
٨ ـ إنهم لكونهم لم تخالط قلوبهم بشاشة الايمان ولم يهتدوا بنوره يفقدون الشجاعة والقوة حتى بعد ذهاب عوامل الخوف والهول.
فهم ما يزالون يرتعشون ، ويتخاذلون ، ويأبون أن يصدقوا أن الاحزاب قد ذهبت وولّت مهزومة. ويودون لو أن الاحزاب دخلت المدينة أن لا يكونوا فيها مبالغة في النجاة من الأهوال!!
٩ ـ ولكن في مقابلة هذا الفريق المتخاذل الجبان يرسم القرآن الكريم في الآيات ٢١ إلى ٢٥ صورة المؤمنين الصادقين وفي مقدمتهم رسول الله صلىاللهعليهوآله القدوة الحسنة لجميع المسلمين في جميع الحالات والظروف.
فان هذه الجماعة المؤمنة الصادقة لما رأت الاحزاب قالت : هذا ما وعدنا الله ورسوله ، هذا الهول لا بد أن يجيء فيه النصر فهو وعد الله الصادق المحقق.
فصمدوا وصدقوا ما عاهدوا الله عليه ، فجزاهم الله بصدقهم إذ ردّ الذين كفروا بغيظهم ، لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال ، وكان الله قويا عزيزا خلافا لما ظنه المنافقون ، وتوهموه.
وقد كانت هذه الواقعة في منظور القرآن الكريم امتحانا عظيما ، واختبارا دقيقا للنفوس والقلوب وهو امتحان لا بد منه حتى يتميز الصادق عن المنافق ، والموفون بعهدهم والناقضون له.
كما أن هذه الواقعة وما جاء حولها من الآيات كشفت عن أن وعود الله