المصطلق.
وهكذا اطلق جميع أسرى بني المصطلق الذين كانوا بأيدي المسلمين رجالا ونساء بفضل ذلك الزواج المبارك ، أو قل بفضل هذه السياسة الاجتماعية الحكيمة ، وعادوا الى قبيلتهم (١).
الفاسق يفتضح :
كان إسلام بني المصطلق اسلاما نابعا من قناعة ورغبة لأنهم لم يجدوا من المسلمين خلال مدّة الأسر إلاّ حسن المعاملة والإحسان والعفو حتى أنه تم اطلاق جميع الأسرى ببعض الذرائع وعادوا إلى قبيلتهم وأهليهم.
ثم إن رسول الله صلىاللهعليهوآله أرسل إليهم « وليد بن عقبة بن أبي معيط » لجباية زكاتهم ، فلما سمعوا بقدومه خرجوا إليه راكبين ليكرموه وليؤدوا إليه ما عليهم من الزكاة ، فلما سمع بهم هابهم ، فرجع إلى رسول الله مسرعا فأخبره بأن القوم همّوا بقتله ، وأنهم منعوه ما قبلهم من صدقتهم ، فطلب المسلمون غزوهم ، وفي الاثناء قدم وفد من بني المصطلق على رسول الله صلىاللهعليهوآله وقالوا : يا رسول الله سمعنا برسولك حين بعثته إلينا فخرجنا إليه لنكرمه ، ونؤدي إليه ما قبلنا من الصدقة فأسرع راجعا فبلغنا أنه زعم لرسول الله صلىاللهعليهوآله أنّا خرجنا إليه لنقتله وو الله ما جئنا لذلك. فنزلت في هذا الشأن الآية السادسة من سورة الحجرات تؤيد مقالة بني المصطلق وتصف الوليد بالفسق ، اذ يقول تعالى :
« يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ » (٢).
__________________
(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٢٩٥ ، امتاع الاسماع : ج ١ ص ١٩٨ و ١٩٩.
(٢) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٢٩٦ و ٢٩٧.