ولقد أرسل رسول الله صلىاللهعليهوآله عينا له ليخبره عن قريش إذا وجدهم في أثناء الطريق.
ولما كان رسول الله بعسفان ( وهي منطقة بين الجحفة ومكة ) أتاه رجل خزاعيّ كان يتقصى الاخبار لرسول الله صلىاللهعليهوآله وقال : يا رسول الله هذه قريش قد سمعت بمسيرك ، فعاهدوا الله أن لا تدخلها أبدا وهذا « خالد بن الوليد » في خيلهم ( وكانوا مائتين ) قد قدّموها الى كراع الغميم. ( وهي موضع بين مكة والمدينة أمام عسفان بثمانية أميال ).
فلما سمع رسول الله صلىاللهعليهوآله بعزم قريش على منعه ومنع اصحابه من العمرة قال :
« يا ويح قريش ، لقد أكلتهم الحرب ما ذا عليهم لو خلّوا بيني وبين سائر العرب ، فان هم أصابوني كان الذي أرادوا ، وإن أظهرني الله عليهم دخلوا في الإسلام وافرين ، وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة ، فما تظنّ قريش ، فو الله لا أزال اجاهد على الذي بعثني الله به حتى يظهره الله به ، أو تنفرد هذه السالفة (١) ( أي أقتل أو أموت ).
ثم طلب رسول الله صلىاللهعليهوآله من يدلّه على طريق آخر غير الطريق الذي هم بها لكي يتجنب مواجهة طليعة قريش بقيادة « خالد بن الوليد ».
فتعهّد رجل من بني أسلم بذلك فسلك برسول الله صلىاللهعليهوآله وأصحابه طريقا وعرا كثيرة الحجارة بين شعاب حتى انتهوا إلى منطقة سهلة تدعى بالحديبية ، فبركت هناك ناقة رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال صلىاللهعليهوآله : « ما هذا لها عادة ، ولكن حبسها حابس الفيل بمكة » (٢).
ثم أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله الناس أن ينزلوا في ذلك المكان فنزلوا.
__________________
(١) السالفة : صفحة العنق ، وكنى بهذه الجملة عن الموت لأنّها لا تنفرد عمّا يليها الاّ بالموت.
(٢) بحار الانوار : ج ٢٠ ص ٣٢٩ وغيره. وقد أشار بهذا الكلام إلى واقعة الفيل.