ولما علمت طليعة قريش بمسير رسول الله صلىاللهعليهوآله ، لحقت به ، حتى اقتربت منه وحاصرت موكبه ورجاله فكان على النبيّ صلىاللهعليهوآله اذا أراد أن يواصل سيره باتجاه مكة ان يخترق صفوف رجال قريش ، فيسفك دماءهم ، ويعبر على أجسادهم ، وحينئذ كان الجميع يرى أن رسول الله صلىاللهعليهوآله لا يهدف العمرة والزيارة بل يريد الحرب والقتال ، فكان مثل هذا العمل يسيء إلى سمعة النبي صلىاللهعليهوآله ويضر بهدفه السلميّ.
ثم إن قتل هؤلاء النفر من طليعة قريش لا يزيل جميع الموانع من طريقه ، لأن قريشا كانت تبعث بإمدادات مستمرة ، ولم يكن لينته إلى هذا الحدّ.
هذا مضافا إلى أن المسلمين ما كانوا يحملون معهم حينذاك ـ إلاّ ما يحمله المسافر العاديّ من السلاح ، ومع هذه الحال لم يكن القتال أمرا صحيحا ، وحكيما بل كان يجب ان تحلّ المشكلة عن طريق التفاوض.
ولهذا عند ما نزل رسول الله صلىاللهعليهوآله في تلك المنطقة قال :
« لا تدعوني قريش اليوم إلى خطّة يسألونني فيها صلة الرحم إلاّ أعطيتهم إياها » (١).
ولقد بلغ كلام رسول الله صلىاللهعليهوآله هذا مسامع الناس ، وكان من الطبيعي أن يسمع به العدو أيضا ، ولهذا بعثوا برجال من شخصيّاتهم إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ليتعرفوا على هدفه الاصلي من هذا السفر.
بعثت قريش بعدة مندوبين إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ليتعرفوا على مقصده وهدفه في هذا السفر.
وكان أول أولئك المبعوثين هو : « بديل بن ورقاء الخزاعي » الذي أتى
__________________
(١) تاريخ الطبري : ج ٢ ص ٢٧٠ ـ ٢٧٢.