إن الرسائل التي وجّهها رسول الله صلىاللهعليهوآله الى الامراء والسلاطين ، وإلى رؤساء القبائل ، والشخصيات الدينية والسياسية البارزة داخل الجزيرة العربية وخارجها لدعوتهم إلى الاسلام تكشف عن طريقته في الدعوة والتبليغ ، والارشاد والهداية.
وبين أيدينا الآن نصوص ١٨٥ (١) رسالة وكتاب من مكاتيب رسول الله صلىاللهعليهوآله ورسائله التي دعا فيها من أرسلها إليهم ، إلى الإسلام ، أو كتبه التي تشكّل معاهداته ومواثيقه صلىاللهعليهوآله التي أعطاها أو عقدها مع الاطراف المختلفة وقد جمعها ، وضبطها أرباب السير وكتّاب التاريخ وهي تكشف برمتها عن أن اسلوب الاسلام في الدعوة والتبليغ يعتمد على المنطق والبرهان ، لا على السيف والقهر وعلى الاقناع لا الاكراه.
فيوم اطمأن بال رسول الله صلىاللهعليهوآله وأمن جانب قريش وحلفائها ، وجّه نداءه الالهي إلى مسامع البشرية في العالم وذلك عن طريق ارسال الرسائل ، أو بعث المبلغين والدعاة إلى شتى أنحاء العالم.
إن نصوص هذه الرسائل ، والاشارات الموجودة في خلالها ، ونصائحه التي كان يوجّهها صلىاللهعليهوآله إلى الناس ، والتسامح الذي كان يبديه من نفسه خلال عقد الاتفاقيات وإبرام المعاهدات مع الاجانب ، تشكّل برمتها شواهد قاطعة ، ودامغة ضدّ نظرية المستشرقين الذين أرادوا مسخ وجه الاسلام
__________________
(١) لقد اجتهد علماء الاسلام في جمع واحصاء رسائل النبي الاكرم صلىاللهعليهوآله وكتبه قدر المستطاع ، وإن أكمل المصادر الحاضرة من حيث الاستقصاء وسعة التتبع كتابان يتسمان بأهمية كبرى في هذا المجال وهما :
أ ـ الوثائق السياسية تأليف البرفيسور محمّد حميد الله حيدرآبادي ، الاستاذ بجامعة باريس.
ب ـ مكاتيب الرسول تأليف العلاّمة المحقق المحترم الشيخ علي الاحمدى.
والكتاب الأخير يمتاز بتحقيقات وتحليلات أدبية ، وتاريخيه وسياسية إسلامية في غاية الأهمية.