« بسم الله الرحمن الرحيم من محمّد بن عبد الله إلى المقوقس عظيم القبط ، سلام على من اتبع الهدى.
أما بعد فإني أدعوك بدعاية الاسلام ، أسلم تسلم ، وأسلم يؤتك الله أجرك مرّتين ، فإن تولّيت فإنّما عليك إثم القبط « ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد الاّ الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنّا مسلمون » (١).
فخرج « حاطب » بكتاب رسول الله صلىاللهعليهوآله حتى قدم « مصر » ، وأراد الدخول على حاكمها ، « المقوقس » علم بأنه يسكن في أحد قصوره الشامخة على ضفاف النهر ، في الإسكندرية ، فركب زورقا ، نقله إلى قصر « المقوقس ».
فلما وصل « حاطب » إلى قصر « المقوقس » أكرمه وأخذ كتاب رسول الله صلىاللهعليهوآله وقرأه ، وفكّر في مضمونه بعض الوقت ، ثم قال لسفير النبي صلىاللهعليهوآله : ما منعه إن كان نبيّا أن يدعو على من خالفه ( أي من قومه ) وأخرجوه من بلده إلى غيرها أن يسلّط عليهم.
فقال حاطب وكان حكيما فهيما : ألست تشهد أن عيسى بن مريم رسول الله؟ فماله حيث أخذه قومه فأرادوا أن يقتلوه أن لا يكون دعا عليهم أن يهلكهم الله تعالى حتى رفعه الله إليه؟
فأعجب المقوقس ـ الذي لم يكن يتوقع أن يجابه بهذا المنطق القوى المفحم ـ برد حاطب وقال له : أحسنت ، أنت حكيم جاء من عند حكيم (٢).
فتجرأ حاطب لما رأى هذا الموقف الخاضع من ملك مصر وقال : إنه كان قبلك رجل يزعم أنه الرب الأعلى ( يعني فرعون ) فأخذه الله نكال الآخرة
__________________
(١) السيرة الحلبية : ج ٣ ص ٢٤٩ ، الدر المنثور : ج ١ ص ٤٠ ، أعيان الشيعة : ج ١ ص ٢٤٤.
(٢) اسد الغابة : ج ١ ص ٣٦٢.