رأت قريش نجم ليل ظهرا (١).
فهل مع هذه المواصفات والجهات التي نقلنا قسما منها هنا فقط يجيز العقل أن يفوّض رسول الله صلىاللهعليهوآله قيادة القوات إلى زيد ويجعل جعفر معاونه او خليفته الاول.
٢ ـ ان الأشعار التي انشدها شعراء الاسلام الافذاذ في رثاء هؤلاء القادة بعد استشهادهم حاكية عن ان القائد الاعلى في هذه المعركة الكبرى ( مؤتة ) كان « جعفر » وكان أمر المعاونة والخلافة يرتبط بالرجلين الآخرين ، فهذا « حسان » شاعر عصر الرسالة انشد شعرا بعد أن بلغه استشهاد اولئك القادة بصورته المفجعة قال فيه :
فلا يبعدن الله قتلى تتابعوا |
|
بمؤتة منهم ذو الجناحين جعفر |
وزيد وعبد الله حين تتابعوا |
|
جميعا وأسباب المنية تخطر (٢) |
فكلمة تتابعوا تشهد بجلاء على أن مقتل هؤلاء القادة الذين ذكرهم تمّ على النحو الذي جاء ذكرهم ، يعنى أن جعفرا كان اول الشهداء ثم تلاه في قيادة الجيش الاسلامي ثم الشهادة زيد ، ثم ابن رواحة.
وان اوضح الادلة على ذلك قصيدة « كعب بن مالك » في رثاء شهداء مؤتة ، التي يصرح فيها بان جعفر كان هو القائد الأول ، وقد كان صاحب هذه الأبيات ممن شاهد تفويض أمر القيادة العليا للجيش من جانب رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى جعفر.
يقول كعب في قصيدته :
إذ يهتدون بجعفر ولوائه |
|
قدّام أوّلهم فنعم الأول (٣) |
إن هذه القصائد الرثائية التي انشدت في أعقاب استشهاد اولئك القادة ، وسلمت من يد التحريف اقوى شاهد على ان ما كتبه مؤرّخو السنّة حول هذا
__________________
(١) وقعة صفين : ص ٤٩.
(٢) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٣٨٤.
(٣) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٣٨٦.