على أنّ مبدأ « مباغتة العدو » إنما يمكن الاستفادة منه إذا بقيت جميع الاسرار العسكرية للجانب المباغت طى الكتمان ، وتمت الترتيبات اللازمة في سرية كاملة ، بحيث لم يعرف بها العدوّ ، بل لا يعرف العدو أساسا هل ينوي النبي صلىاللهعليهوآله الهجوم عليه ، أو لا ، وعلى فرض أنه ينوي ذلك لا يخبر أحدا شيئا عن موعد تحرك الجيش الاسلامي ، ووجهته ، إذ في غير هذه الصورة لا يمكن الاستفادة من مبدأ « مباغتة العدو ».
ولقد أعلن رسول الله صلىاللهعليهوآله عن التعبئة العامة لفتح مكة ، وتحطيم أقوى قلعة من قلاع الوثنية وازالة حكومة قريش الظالمة التي كانت تمثّل أقوى مانع في طريق تقدم الدعوة الاسلامية ، وانتشارها وتوسعها ، وقد طلب من الله سبحانه في دعائه أن يعمّي على عيون قريش وجواسيسهم فلا يعرفوا بشيء عن حركة المسلمين ومقصدهم اذ قال :
« اللهم خذ العيون والأخبار من قريش حتى نباغتها في بلادها ».
أو قال :
« اللهم خذ على قريش أبصارهم ، فلا يروني إلاّ بغتة ، ولا يسمعون بي إلاّ فجأة » (١).
فاجتمع في مطلع شهر رمضان ناس كثيرون من مختلف المناطق خارج المدينة ، وداخلها.
ويذكر المؤرخون جدولا تفصيليا بالطوائف والقبائل التي شاركت في هذا الفتح العظيم ، وإليك ما ذكروه :
المهاجرون : سبعمائة مع ثلاثمائة من الخيل وثلاثة ألوية.
الأنصار : أربعة آلاف مع سبعمائة من الخيل ، وألوية كثيرة.
قبيلة مزينة : ألف مع مائة فرس ، ومائة درع ، ولواءان.
__________________
(١) السيرة النبوية : ج ٢ ص ٣٩٧ ، المغازي : ج ٢ ص ٧٩٦.