مواقفه.
ولقد اشار أحد المستشرقين المنصفين إلى هذه الحقيقة ، واعتبرها دليلا على طهارة رسول الله صلىاللهعليهوآله وصدقه ونزاهته ، فهو يقول : مهما كان المرء متكتّما متسترا على أعماله وأفكاره فانه لا يستطيع بحال أن يخفي تفاصيل حياته عن ذويه وأقربائه ، ولو كان لمحمد حالات نفسية أو أفعال سيئة لما خفيت على أقربائه ، ولما كانوا ينقادون إليه بمثل هذه السرعة (١).
نعم يستثنى من بني هاشم عدة أشخاص أحجموا عن الايمان برسول الله صلىاللهعليهوآله والاستجابة لدعوته ، ويمكن الاشارة ـ في هذا المجال ـ بعد أبي لهب المعروف بل والمصرح بعداوته في القرآن ـ إلى « أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب » و « عبد الله بن أبي أميّة بن المغيرة » اللذين خاصما رسول الله صلىاللهعليهوآله وعارضا دعوته بشدة ، ولم يكتفيا بعدم الايمان برسالته ، بل منعا من انتشار الحق ، وآذيا رسول الله صلىاللهعليهوآله اشدّ الأذى وألّبا عليه اكثر من أي شخص آخر.
ولقد كان أبو سفيان هذا ابن عمّ رسول الله صلىاللهعليهوآله وأخاه من الرضاعة ، وكان يألف رسول الله صلىاللهعليهوآله قبل البعثة ، ولكنه اختلف مع النبي بعد ابتعاثه بالرسالة ، وبنى على مخالفته ومعاداته (٢).
وأما عبد الله بن أبي اميّة فهو أخو أمّ سلمة ابنة عاتكة عمة رسول الله صلىاللهعليهوآله وابنة عبد المطلب.
ولقد حدى انتشار الاسلام في كل أنحاء الجزيرة العربية بهذين الرجلين إلى أن يخرجا من مكة ويلتحقا بالمسلمين.
فقد خرجا قبيل الفتح من مكة ، فلقيا رسول الله صلىاللهعليهوآله وأصحابه في أثناء الطريق ـ وعلى وجه التحديد في نقطة تدعى بثنية العقاب ،
__________________
(١) الأبطال : لكارليل الانجليزى.
(٢) المغازي : ج ٢ ص ٨٠٦ و ٨٠٧.