والنبي قاصد مكة ، فاستأذنا رسول الله صلىاللهعليهوآله ليدخلا عليه ، وأصرّا على ذلك ، فابى النبي صلىاللهعليهوآله أن يأذن لهما.
وقد وسّطا أمّ سلمة ، وطلبا منها بلهجة عاطفية أن تشفع لهما عند رسول الله صلىاللهعليهوآله حتى يرضى عنهما ، فكلّمته فيهما ، ولكن رسول الله صلىاللهعليهوآله أبى وقال :
« لا حاجة لي بهما ، أما ابن عمّي فهتك عرضي وأما ابن عمّتي وصهري فهو الذي قال بمكة ما قال » (١).
ولما كان « عليّ » عليهالسلام أعرف الناس بنفسيّة رسول الله صلىاللهعليهوآله وأخلاقه ، وبطريقة استعطافه ، فقد كلّمه أبو سفيان في الأمر ، فعلّمه علي بن أبي طالب عليهالسلام أن يأتي رسول الله صلىاللهعليهوآله من قبل وجهه فيقول :
« قالُوا تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ » (٢).
فان رسول الله صلىاللهعليهوآله سيجيبه بما قاله يوسف لاخوته اذ قال لهم :
« قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ » (٣).
لأنه صلىاللهعليهوآله لا يرضى بأن يتفوق عليه أحد في حسن القول.
ففعل أبو سفيان هذا ما أشار عليه الامام علي عليهالسلام ودخل من الطريق الذي بيّنه له ، فعفا عنه رسول الله كما فعل يوسف باخوته ، فانشد أبو سفيان قصيدة أراد بها أن يكفّر عما سبق منه ، قال فيها :
__________________
(١) فهو ممن اقترح على رسول الله صلىاللهعليهوآله بمكة امورا غير معقولة ، وقد جاء ذكر هذه المقترحات في الآيات : ٩٠ ـ ٩٣ من سورة الاسراء راجع مجمع البيان : ج ٦ ص ٤٣٩ واسد الغابة : ج ٥ ص ٢١٣ و ٢١٤.
(٢) يوسف : ٩١.
(٣) يوسف : ٩٢.