المسجد (١).
فتحوّل الرجال مكان النساء والنساء مكان الرجال فكان أول صلاته الى بيت المقدس ، وآخرها الى الكعبة.
ومنذ ذلك الحين جعلت الكعبة المعظمة ـ زاد الله من شرفها ـ قبلة مستقلة للمسلمين يتوجهون إليها في كثير من واجباتهم وشعائرهم الدينية (٢).
هذا والغريب أن اليهود الذين كانوا قبل نزول الأمر بالتحوّل من بيت المقدس الى الكعبة المعظمة يفتخرون على المسلمين بأنهم يصلّون على قبلة اليهود ، لما حوّل المسلمون إلى الكعبة المعظمة ، وامروا بالصلاة إليها دون بيت المقدس أخذوا يعيبون على المسلمين التوجه إلى نقطة ما في الأرض فردّ الله عليهم بقوله :
« سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ » (٣).
أي ان الله فوق الزمان والمكان ، والتوجه إلى نقطة خاصة في حالة العبادة انما هو لمصالح اجتماعية خاصة فالصلاة الى الكعبة توجّه الى الله كالصلاة الى بيت المقدس سواء بسواء.
وما ينبغي الاشارة إليه هنا هو : أن العرض الجغرافي للمدينة ـ طبقا لمحاسبات علماء الفلك القدامى ـ هو ٢٥ درجة ، وطولها ٧٥ درجة و ٢٠ دقيقة ، ولهذا كانت قبلة المدينة لا توافق محراب رسول الله صلىاللهعليهوآله الباقي على حالته السابقة الى الآن في مسجده الشريف ، وقد سبّب هذا الاختلاف حيرة لدى بعض المتخصصين في هذا العلم ، وربما دفعهم إلى ارتكاب توجيهات وتبريرات لرفع هذا الاختلاف.
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ١٩ ص ٢٠١ عن من لا يحضره الفقيه.
(٢) كالصلاة والذبح ودفن الموتى ، والدعاء وغير ذلك.
(٣) البقرة : ١٤٢.