هو مركز الاعتقاد ومقرّه ، وظرفه ومكانه ، وهو لا يخضع لأي قهر أو تسخير ، وإن ظهور العقائد في منطقة الضمير يتوقف على سلسلة من المقدمات والأوليّات التي توجب حصول العقيدة ، وظهور العقيدة وحصولها من دون تلك المقدمات أمر محال.
وعلى هذا الأساس فإن مسألة الاعتقاد لا تخضع للقهر ، ولا تقبل الفرض ، بل كان نضال النبي ينحصر في النضال ضدّ مظاهر هذه العقيدة وهي عبادة الاوثان.
من هنا هدم كل بيوت الاصنام ، وحطّم الأوثان بينما ترك الانقلاب في العقائد والضمائر لعامل الزمن الذي كان مروره يستتبع ـ لا محالة ـ مثل هذا التطور والتحول والانقلاب.
ان العوامل الاربعة المذكورة دفعت برسول الله صلىاللهعليهوآله إلى أن يستدعي أبا بكر ثم يعلّمه الآيات الاولى من سورة التوبة ويأمره بأن يذهب برفقة اربعين رجلا من المسلمين (١) الى مكة ، ويتلو هذه الآيات التي تتضمن البراءة من المشركين في يوم الأضحى على مسامع الناس.
فتهيأ أبو بكر للقيام باداء هذه المهمة ، وتوجه نحو مكة ، إلاّ أنه لم يلبث أن نزل أمين الوحي على رسول الله صلىاللهعليهوآله برسالة من الله سبحانه وهي :
« إنّه لا يؤدّي عنك إلاّ أنت أو رجل منك ».
ولهذا استدعى رسول الله صلىاللهعليهوآله عليّا وأخبره بالخبر ثم قال له : اركب ناقتي العضباء والحق أبا بكر فخذ براءة من يده ، وامض بها الى مكة وانبذ بها عهد المشركين إليهم ، أي اقرأ على الناس الوافدين إلى منى من شتى انحاء الجزيرة العربية براءة بما فيها النقاط الاربعة التالية :
__________________
(١) وقد ذكر الواقدي انهم كانوا ثلاثمائة ( المغازي : ج ٣ ص ١٠٧٧ ).