« لبّيك اللهم لبّيك لبّيك لا شريك لك لبّيك إنّ الحمد والنعمة لك والملك لبّيك لا شريك لك لبّيك ».
وهو بذلك يلبي نداء إبراهيم ، كما أنّه صلىاللهعليهوآله كان يكرّر هذه التلبية كلّما شاهد راكبا ، أو علا مرتفعا من الأرض ، أو هبط واديا.
ولما شارف مكة قطع التلبية المذكورة.
وفي اليوم الرابع من شهر ذي الحجة ، دخل صلىاللهعليهوآله مكة المكرمة وتوجّه نحو المسجد الحرام رأسا ، ثم دخله من باب بني شيبة وهو يحمد الله ويثني عليه ويصلي على إبراهيم عليهالسلام.
ثم بدأ من الحجر الأسود فاستلمه (١) أولا ، ثم طاف سبعة أشواط حول الكعبة المعظمة ، ثم صلى ركعتين خلف مقام إبراهيم وعند ما فرغ من صلاته سعى بين الصفا والمروة (٢) ثم التفت إلى حجاج بيت الله الحرام وقال :
« من لم يسق منكم هديا فليحلّ وليجعلها عمرة ( أي فليقصّر أي يأخذ من شعره وظفره فيحلّ له ما حرم عليه بالاحرام ) ومن ساق منكم هديا فليقم على إحرامه ».
وقد كره البعض هذا واعتذروا بانه يعزّ عليهم ( أولا يلذّ لهم ) أن يخرجوا من الاحرام فيحلّ لهم ما يحرم على المحرم فيلبسوا الثياب ويقربوا النساء ويتدهنوا ورسول الله صلىاللهعليهوآله على إحرامه أشعث أغبر.
__________________
(١) المراد من الاستلام هو مسح الحجر الاسود باليدين قبل الشروع بالطواف وفلسفة هذا العمل هي أن هذا الحجر كان يقف عليه ابراهيم لدى بناء جدران الكعبة واقامتها ورفعها ، واستلامه نوع من تجديد الميثاق مع الخليل عليهالسلام والعمل على نصرة عقيدة التوحيد على نحو ما فعل ابراهيم.
ولقد اعتمر رسول الله صلىاللهعليهوآله في الفترة المدنية مرتين ، إحداهما في السنة السابعة والاخرى في الستة الثامنة بعد فتح مكة ، وكانت هذه ثالث عمرة يقوم بها رسول الله صلىاللهعليهوآله مع الحج ( الطبقات الكبرى : ج ٢ ص ١٧٤ ).
(٢) الصفا والمروة جبلان على مقربة من المسجد الحرام والسعي هو المشي بينهما ابتداء من الصفا وانتهاء بالمروة.