لهم هذه الأموال دونكم ، وإن شئتم تركتم اموالكم ودوركم ، وقسمت لكم معهم ، قالت الأنصار : بل اقسم لهم دوننا واتركهم معنا في دورنا واموالنا ، فأنزل الله تبارك وتعالى ( مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ ـ يعني يهود قريظة ـ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ ) (٨) لانّهم كانوا معهم بالمدينة أقرب من أن يوجف عليه (٩) بخيل ولا ركاب ثم قال تعالى : ( لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ) (١٠) فجعلها الله لمن هاجر من قريش مع النّبي ( صلى الله عليه وآله ) ، [ وصدق ] (١١) وأخرج أيضاً عنهم المهاجرين مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من العرب ، لقوله : ( الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ) لأن قريشاً كانت تأخذ ديار من هاجر منها وأموالهم ، ولم يكن العرب تفعل ذلك بمن هاجر منها ، ثمّ أثنى على المهاجرين الّذين جعل لهم الخمس ، وبرأهم من النّفاق بتصديقهم إيّاه ، حين قال : أولئك هم الصّادقون لا الكاذبون ، ثمّ أثنى على الأنصار وذكر ما صنعوا ، وحبهم للمهاجرين وإيثارهم إيّاهم ، وأنّهم لم يجدوا في أنفسهم حاجة ، يقول : حزازة (١٢) ممّا أُوتوا ، يعني المهاجرين دونهم ، فأحسن الثّناء عليهم فقال : ( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ
__________________________
(٨) الحشر ٥٩ : ٦ .
(٩) في المصدر : عليهم .
(١٠) الحشر ٥٩ : ٨ .
(١١) أثبتناه من المصدر .
(١٢) الحزازة : وجع في القلب من غيظ ونحوه والجمع حزازات . ( مجمع البحرين ـ حزز ـ ج ٤ ص ١٥ ) .